الحرب التي قضت على الأسطول الروسي، ووضعت حكم القيصر على طريق النهاية، والتي كان إيقافها عند هذه النقطة مطلباً صهيونياً، درءاً لاحتمال أن تنهض روسيا القيصرية مرة أخرى أو تستعيد توازنها. ويجمع المؤرخون على أن هزيمة قيصر روسيا (الذي أذل اليهود ولم يرضخ للتهديدات الأمريكية) أمام الأسطول الياباني كانت أهم عوامل ضعف دولته، وسقوطها بعد ذلك لقمة سائغة في يد الثورة البلشفية، وهي الهزيمة التي عمد روزفلت إلى تكريسها، مستعينا بتعبيرات توراتية وهو يتحدث عن (مسؤولية الرجل الأبيض) و (دوره كمسيحي).
[حرب كل عام]
كما أسلفنا كانت في عام ١٨٩٨م الحرب الأمريكية الأسبانية، حيث افتعلت الولايات الأمريكية حادثة كوبا، وقد حاصر على أثرها الأسطول الأمريكي الموانئ الكوبية بينما قام الجيش والمتطوعون بما فيهم رجال تيودور روزفلت بسحق القوات الأسبانية على الشواطئ، وبعد ثلاثة أعوام جعلت الولايات المتحدة من كوبا وكراً أمريكياً للقمار، كما ضمنت الحق في قاعدة بحريه في خليج (جوانتا نامو)(١)، ومازالت تحتفظ بها حتى الوقت الحاضر. وفي عام ١٩٠١م و ١٩٠٢م تدخلت القوات الأمريكية في كولومبيا، وفي عام ١٩٠٢م تدخلت في هندوراس، وفي عام ١٩٠٦م خلال الحرب الأهلية في كوبا انتظمت القوات الأمريكية في جيش التهدئة الكوبية لاستعادة النظام وإقامة حكومة مستقلة خلال ثلاث سنوات. وفي عام ١٩٠٧م تدخلت القوات الأمريكية واستولت على ست مدن في هندوراس، وفي عام ١٩١٤ م دخل الماينز الأمريكيون إلى هايتي في عملية إنزال، حيث سرقوا البنك المركزي استرداداً لبعض الديون، وبعد سنة واحده ـ أي في عام ١٩١٥م دخلت القوات الأمريكية إلى هايتي واحتلت البلاد عام ١٩٣٤. وفي عام ١٩١٤م أمر الرئيس ولسون بحريته بقصف واحتلال فيركروز، وفي عام ١٩١٦م وبعد غارات مكسيكيه على الأراضي الأمريكية أرسل قوة بقيادة بيرشينغ دخلت المكسيك لمطاردة زعيم
(١) جزيرة جوانتانامو هي القاعدة العسكرية التي تحتجز فيها أمريكا مئات المسلمين الذين تزعم بارتباطهم بالإرهاب، حيث مضى أكثر من ثلاثة سنوات ونصف على اعتقالهم بدون أن توجه لهم أية تهمة، وهذا هو إرهاب الدولة بعينه الذي يكشف زيف دعاوى حقوق الإنسان الأمريكية.