للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حوار الإسلام والغرب]

فكرة الحوار بين الإسلام والغرب، أو "حوار الحضارات" تناولها كثيرون من قبل، ومازالت الدعوة اليها تتجدد واللقاءات تعقد بين الحين والآخر لكن ذلك لم يقلل من اهمية الموضوع اذ ان احداث السنة الأولى من الالفية الثالثة، وما تلا تلك الاحداث، بينت للكثيرين ان نمط العلاقات بين عالم الإسلام وعالم الغرب اخذ منحنى جديداً، فالموقف بين الجانبين تجاوز حالة التوثر ودخل مرحلة الحرب الفعلية الشاملة، وهى حرب اعلامية ونفسية وسياسية وقتالية، قام ويقوم بها جانب واحد، بينما غرق الطرف الآخر في ردود الافعال الناتجة عنها. ومع تطور المعركة واختلاط دخانها بدخان الاعلام صار التحرك كله يجرى في ساحة معتمة تسللت وتتسلل اليها قوى جديدة متغايرة الاهداف متعارضة، مما يزيد المسرح حلكه وظلاماً. والايام والسنوات القادمة تبدو حبلى بمزيد من الاخطار التى لا يعلم مداها الا الله. ولذا فإن الحوار صار أكثر ضرورة، ومازال في درجة من الاهمية كبيرة، وان اهميته تستلزم محاولات اخرى جريئة دائبة، لتناوله بأساليب جديدة، ومن خلال رؤى متعددة ومتنوعة (١). فقد بدا واضحا أمام الغالبية العظمى من المهتمين بإنهاء الصراع المحتدم حاليا بين الديانات والحضارات المختلفة، والذي تعددت صوره، ودرجات حدته من التراشق بالاتهامات إلى التراشق بالأسلحة المدمرة دون تحقيق النصر النهائى لأى طرف، أن الطريق الوحيد المتبقى هو التحاور بهدف إيجاد حد أدنى من الأسس المشتركة للتعايش السلمى ونبذ العنف (٢).

في اطار هذا الفهم ينطلق د. دكتور عبد الله أبو عزة في كتابه "حوار الإسلام والغرب" من خلال رؤية محورية فحواها ان بين الإسلام والغرب كثيراً من المبادئ والعناصر الثقافية المتماثلة المشتركة، وهى عناصر رئيسية عند الجانبين، مع اقدار من الاختلاف حول بعض الامور المهمة وامور اخرى اقل اهمية. فإذا انضافت إلى ذلك المصالح المشتركة التى يفرضها الوجود المشترك - وهو وجود لا خيار فيه حيث يعيش الجميع فيما سمى "القرية العالمية"، أو في: بيت زجاجى"لا يحتمل العبث-


(١) حوار الإسلام والغرب- تأليف د. عبد الله أبو عزة ص٧
(٢) الحوار بين الإسلام والغرب- جريدة الشرق الاوسط- ١٩ - ٩ - ٢٠٠٣ - عدد ٩٠٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>