للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكتابات التي هاجمت الأفكار التقليدية، التي ترى بأن الخلاص لن يتم إلا من خلال معجزة إلهية على يد المسيح المخلص، حيث نادى هؤلاء المفكرون بضرورة تحرك اليهود من اجل تحقيق حلم العودة إلى ارض فلسطين من خلال العمل واستغلال كافة العوامل التي تخدمهم في هذا المجال.

وبذلك كان هؤلاء المفكرون من أمثال الكعى وكاليشتر وغيرهم، هم الدعاة الأوائل الذين مهدوا الطريق أمام ظهور الحركة الصهيونية على يد هرتسل. لهذا فإن الكثيرون يعتبرون أن الحركة الصهيونية المتعارف عليها الآن، وكما دعا هيرسل إليها في مؤتمر بازل سنة ١٨٩٧م، "هي الوارث الشرعي لعدد من النداءات والدعوات الفكرية التي ابتدأت تظهر في أواخر الثلاثينات من القرن التاسع عشر الميلادي، لكنها لم تجد تجاوباً ـ ولو محدوداً ـ إلا مع بداية الستينات وهذا فضلا عن أن بعض النداءات والمؤلفات لم تكن لتجد الحد الأدنى من الانتشار والشهرة ـ حتى بين اليهود أنفسهم. ومع ذلك، فإنها في مجموعها مقدمة مهمة لمعرفة الصهيونية، فكراً وحركة سياسية يهودية" (١). ففي ستينيات القرن التاسع عشر، أضحى العامل المشترك لدى الرواد الأوائل، أمثال الكعى، وكاليشر وهس، اعتقادهم أن مستقبل الشعب اليهودي مشروط بعودته إلى وطنه التاريخي، وطالبوا بالعمل لتحقيق ذلك بدون انتظار عودة المسيح المخلص.

[١ـ يهودا الكعى (١٧٩٨ـ١٨٧٨م)]

كان يهودا الكعى غارقاً مثله مثل باقي اليهود، في الغيبيات الدينية، لما انتشرت في البلقان إشاعة تقول أن سنة ١٨٤٠م ستكون سنة الخلاص. حيث تعلق معظم اليهود وخصوصاً المتدينين منهم بهذه الشائعة ـ النبوة. "وقبل موعد الخلاص بعام، إي في سنة ١٨٣٩ م، نشر الكعى كتاباً في تعليم اللغة العبرية، دعا فيه اليهود إلى الاستغراق في الصلاة تمهيداً لتحقيق النبوءة المسيائية، ثم اتبعه بكتاب ثان سنة ١٨٤٠م سماه (شلوم يروشالايم) حث فيه اليهود على دفع عشر مدخولاتهم


(١) الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني - الأب مايكل برير - ترجمة احمد الجمل و زياد منى - ص ١٦١ - دار قدمس للنشر والتوزيع - ط٣ ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>