للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينغلقون على نفسهم في قوقعة التعصب المتحجرة والعنصرية الشوهاء، ويصلون الشعوب، كل الشعوب، بنار الحقد والكراهية (١).

لقد كان اليهود أقليات متناثرة، تعيش في قلق وخوف وإحساس بالخطر المحدق بها (الحقيقي والوهمي)، وكانت غير محبوبة في المجتمعات التي تعيش فيها، وكانت قريبة من الطبقات الشعبية، ولكنها مكروهة منها، لأنها كانت تعيش في عزله عن الجميع. وقد نتج عن هذا الوضع الشاذ، إحساس زائد بالذات، ولذا فقد أعضاء الجماعات اليهودية وقياداتهم قدراً كبيراً من علاقتهم بالواقع، وانفصل فكرهم عنه، وأصبحت النبوءات مجالاً للتعويض عما يلاقونه من اضطهاد، فتحولت نبوءات أنبيائهم إلى صياغات لفظية، يمارسون من خلالها الانتقام من أعدائهم، عن طريق الحط من شأنهم وإظهار التفوق اليهودي، خصوصاً في آخر الأيام بعد عودة المسيح حيث يبطشون، ويبطش ربهم بكل أعدائهم. وقد كان أنبيائهم ينغمسون في هذه التهويمات اللفظية، في الوقت الذي كانوا يعانون فيه صنوف العذاب، ويعاملون معاملة الحيوان في بعض الأحيان (٢).

[تاريخ بالتمني]

عاش بنو إسرائيل بين الأمم، والمماليك الراقية، الممتازة عليهم غنى وحضارة وقوة، وكانوا لضعفهم وفقرهم وقلة شأنهم، يتلظون بنار الحسد من الممالك الأخرى ذوات الحضارات العريقة، لوفرة ما تراه فيه من خصب، ما يفاض عليها من وفر ورخاء. فكان أنبياؤهم ينفظون ضعفاً وسخيمه (تغلي صدورهم حقدا وضغينة) ويحقدون على عظمتها، ويرجون موتها، وتحطيمها من قبل إلههم يهوه، ليقيم لهم مملكة أرضية على أنقاضها. فعندما لم يستطيعوا تسديد ضرباتهم المعهودة إلى المصريين، الضربات التي اشتهروا بإنزالها بالأفراد والأقوام المطمئنة مباغتة وغدرا، ابتكروا وسيلة أخرى للنيل من المصريين الذين أعطوا مثلاً رائعاً في المحبة والرحمة، والحنو الصادق وحسن المعاملة. هذه الوسيلة هي نوع من الشماتة أو


(١) المسيح القادم (مسيح يهودي سفاح) - جورجي كنعان ص١٦٩
(٢) اليد الخفية (دراسات في الحركات اليهودية الهدامة والسرية) - د. عبد الوهاب المسيرى- ص٣٥ بتصرف - ط دار الشروق ١٩٩٨م

<<  <  ج: ص:  >  >>