للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الهجرة غير المقيدة، وما يجب أن تتخذه الحكومة البريطانية حيالها. وكان من بين الشهود الذين تحدثوا أمام تلك اللجنة (تيودور هرتزل) مؤسس الحركة الصهيونية، الذي قدم حلاً للمشكلة مبنى على أسس صهيونية، حيث قال في شهادته: "لا شيء يحل المشكلة التي دعيت اللجنة إلى حلها وتقديم الرأي بشأنها، سوى تحويل تيار الهجرة الذي سيستمر بصورة متزايدة من أوروبا الشرقية. إن يهود أوروبا الشرقية لا يستطيعون أن يبقوا حيث هم، أين سيذهبون؟ إذا كنتم ترون أن بقاءهم هناك غير مرغوب فيه، فلا بد من إيجاد مكان آخر يهاجرون إليه دون أن تثير هجرتهم المشاكل التي تواجهكم هنا. لن تبرز هذه المشكلة إذا وجد وطن لهم يتم الاعتراف به قانونياً وطناً يهودياً" (١).

وقد لاقى اقتراح هرتزل السابق آذاناً صاغية من السياسيين البريطانيين، حيث اقترح تشامبرلين ـ وزير المستعمرات البريطانية ـ إعطاء العريش لليهود لتكون مركز تجميع لهم قرب فلسطين، ولكن هذا الاقتراح فشل لعدة أسباب، فما كان من تشامبرلين إلا أن أقترح في عام ١٩٠٣م (في عهد حكومة بلفور) إعطاء أوغندا (٢) لليهود ليقيموا فيها وطناً لهم، ولكن المؤتمر الصهيوني السادس المنعقد في لندن عام ١٩٠٣م، رفض هذا العرض لبعده عن الهدف النهائي وهو فلسطين، والتي كانت في هذه الفترة خاضعة للسيطرة التركية، ولذلك لم يكن بمقدور الحكومة البريطانية إعطاء أي التزام للحركة الصهيونية تجاه فلسطين.

[وعد بلفور]

عندما استطاعت بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، الاستيلاء على فلسطين في عام ١٩١٧م، أصدر اللورد بلفور وزير الخارجية البريطاني وعده المشؤوم في ٢ـ١١ـ١٩١٧م، في عهد حكومة لويد جورج، والذي ينص على إعطاء اليهود وطناً


(١) الصهيونية غير اليهودية ـ د. ريجينا الشريف ـ ص ١٩٢
(٢) الكاتب يميل إلى الشك في صحة هذه الاقتراحات لأنها بعيدة عن الواقع والمنطق، ولا تتمشى مع التوجهات البريطانية العميقة الجذور والتي تسعى إلى توطين اليهود في فلسطين منذ القرن السادس عشر. وربما يكون الهدف من طرح هذه الأقوال هو لتبرئة ساحة انجلترا من جريمة إعطاء فلسطين لليهود وكأنه جاء كحل لمشكلة، ولم يكن نتيجة لتخطيط مسبق قائم على اعتقاد ديني موروث.

<<  <  ج: ص:  >  >>