بظهور الرئيس الأمريكي الخامس عشر (جيمس بوكانان)(١٨٥٧ـ١٨٦١م) على مسرح الأحداث، أقدم بوكانان على أول إجراء من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، إذ دعا إلى البيت الأبيض وفداً من كبار الحاخامات اليهود ضم: اسحق ماير وايز، وداود عينهورن، واسحق ليسر، وذلك لمعرفة مطالبهم فيما يتعلق بمشروع معاهدة تجارية ألحت وزارتا الداخلية والخارجية على إبرامها مع سويسرا، بدلاً من تلك التي خربها تدخل منظمة بناي بريث (اليهودية الصهيونية المتطرفة) في عهد الرئيس (ميلارد فيلمور)، وحتى يرفع عن نفسه الحرج أمام اليهود اجتمع (الرئيس شخصياً) مع الحاخامات وأعلن عدة تعديلات جذرية على المعاهدة، مع إعلان أن الغرض من هذه التعديلات هو إعلام السويسريين بأن أمريكا لا تقر موقف المقاطعات السويسرية من القانون الذي يقضي بحق المقاطعات في منع اليهود من الإقامة، وإن كانوا يتمتعون بالجنسية الأمريكية.
و بوكانان هنا كان يمارس ذلك الحق الذي أعطته أمريكا لنفسها، منذ أن أعلن (جيمس مونرو) مبدأه الخاص بحق أمريكا في التدخل خارج حدودها، وهو المبدأ الذي أقر ـ منذ البداية ـ لصالح اليهود، وها هو بوكانان يواصل تطبيقه ـ ولصالح اليهود كذلك ـ متدخلاً في شؤون المقاطعات السويسرية، وقد واصل الرؤساء التاليين له نفس السياسة حتى حصل اليهود على كل ما أرادوا من القانون السويسري في ١٨٧٤م، وظلوا يواصلون طريقهم مدعومين من أمريكا حتى أصبحت سويسرا واحدة من أهم قواعد الصهيونية في العالم. ويقارن شفيق مقار بين ما فعله بوكانان، وما فعله السناتور الأمريكي (سكوب جاكسون)، عندما عمد إلى تخريب قانون التجارة لسنة١٩٧٤م، وأوقف بذلك تنفيذ الاتفاقية التجارية لبيع القمح التي أبرمت بين واشنطن وموسكو في ١٩٧٢م، معلقاً بيع القمح للاتحاد السوفيتي ومنح وضع الدولة الأكثر رعاية، على فتح أبواب الهجرة أمام اليهود السوفييت (١).