بالرغم من ان عنوان الكتاب سيبدو للبعض، استفزازياً وتحريضى، الا ان اختيارى لهذا العنوان لم يكن يهدف إلى ذلك بقدر ما يهدف إلى لفت الانظار إلى حقيقة الصراع الدائر في المنطقة والعوامل المؤثرة فيه، لوضع العلاج الناجع له والخطط طويلة الاجل وقصيرة الاجل لمعالجته. فالخطأ في فهم طبيعة العلاقة بين اسرائيل والقوى الداعمة لها كلف العالم العربى والإسلامى الكثير من الجهد والمال والرجال، واصاب الامة بحالة احباط كبيرة لعدم تمكنها من مواجهة هذه الهجمة الصهيونية وهذه الدولة الكرتونية اسرائيل. وكانت حالة الاحباط هذه ناتجة عن اعتقاد الكثير بانهم يواجهون اسرائيل لوحدها أو في احسن الاحوال المدعومة من الدول الاستعمارية أمريكيا وبريطانيا بسبب مصالح هذه الدول أو نفوذ اللوبى الصهيونى والصوت الانتخابى اليهودى. ولذا توجهت الجهود كلها من اجل فصل الظاهرة الاسرائيلية عن مصادر تمويلها وحمايتها من خلال اعتقاد البعض ان الارتماء في الاحضان الأمريكية سيخلق بديلاً لاسرائيل، وبالتالى تفقد اسرائيل اهميتها الاستراتيجية للقوى الاستعمارية فتتخلى عنها.
ولكن هذا الامر لم يحدث ولن يحدث، لان الاساس الفكرى الذى انطلق منه هذا التحليل خاطئ ولم يعى حقيقة العلاقة القائمة بين اسرائيل من جهة، وأمريكيا وبريطانيا من جهة اخرى، أو بالاحرى لم يعى البعد الدينى لهذه العلاقة، بل ان كثير من مفكرينا ومحللينا السياسيين وصناع القرار يسخرون ممن يطرح مثل هذه الاقوال باعتبار ان الدين لا يمثل اى شئ لهذا الدول. واعتقد اننا من خلال عرضنا السابق اوضحنا بما لا يدع مجالا للشك الدور الرئيس الذى لعبه الدين في رسم توجهات أمريكيا وبريطانيا تجاه اسرائيل والمنطقة العربية، بل نستطيع ان نقول ان هذا العامل هو العامل الوحيد المؤثر الذى يمكن ان يفسر لنا هذه العلاقة.
وحتى لا نعيد ما عرضناه سابقاً ولكى نبتعد عن الجدل العقيم، فان المهم هنا ليس هو البرهنه على العدوانية الأمريكية تجاه المنطقة، أو تحديد اى العومل اسبق