قد يستبعد البعض قيام قوى في الولايات المتحدة بضرب مواطنيها، من خلال افتعال بعض العمليات لتحقيق أغراض معينة. وربما يكون هذا الأمر صحيحاً لو أن هذه القوى تفكر بطريقة سوية وليست عنصرية متطرفة لديها استعداد للوصول إلى أهدافها بكل السبل. ونحن نقدم الدليل التاريخي الموثق على عدم تردد مثل هذه القوى عن الإقدام على أي أمر يرونه يحقق أهدافهم ومطامعهم (١). ويكفي أن نقرأ كتاب الكاتب الأمريكي ( James Bamford) الذي يحمل عنوان ( the Ultra-Secret National Security Agency Body of Secrets: Anatomy of) في هذا الكتاب يطلعنا المؤلف على وثائق سرية تعود لعهد الرئيس كيندي، عندما فشل الإنزال الأمريكي في خليج الخنازير، وهي عملية كانت تستهدف الإطاحة بالرئيس الكوبي كاسترو. وقد صارت هذه العملية لطخة عار في جبين المخابرات الأمريكية. وقد قامت هيئة الأركان العامة الأمريكية بوضع خطة أخرى أطلقت عليها اسم ( Northwoods) وكانت ترى أن العسكريين سينجحون فيما فشل في تحقيقه المدنيون (يقصدون رجال المخابرات الأمريكية). وقام رئيس الأركان الأمريكي آنذاك (الجنرال لايمن لامنتزر) في ١٣/مارس ١٩٦٢م بتقديم ملف كامل إلى الرئيس كيندي حيث جاء في باب (شرح الأعذار الموجبة للتدخل العسكري في كوبا): "ستبدأ العملية بعد تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وكوبا، بعد سلسلة متعاقبة من العمليات المرتبة بحيث تجعل الرأي العالمي والأمم المتحدة تحت تأثير وقناعة بأن حكومة كوبا تتصرف بشكل غير مسئول وأنها تشكل تهديداً للغرب وللعالم".
[ولكن ما العمليات التي كانت رئاسة الأركان الأمريكية تخطط لها؟]
من هذه العمليات، قيام الجيش الأمريكي بإلباس الموظفين من أصل كوبي العاملين في القاعدة البحرية الموجودة في خليج (جوانتانامو) ـ من الذين سبق أن
(١) هذا الأمر ممكن ومتبع في كثير من الدول وبالذات أمريكيا وإسرائيل، ويكفى أن نشير إلى ما قامت به إسرائيل بعد تأسيها بعمليات وتفجيرات في كلاً من العراق ومصر لإجبار اليهود على الهجرة إلى فلسطين.