[النظام الدولي الجديد عزز الانحياز الأمريكي لإسرائيل]
شكلت حرب الخليج الأولى فرصة ذهبية لأمريكا لصياغة نظام دولي جديد، يتفق مع استراتيجيتها الكونية التي تشكل إسرائيل حجر الزاوية بها، حيث ساهم انهيار المعسكر الشرقي، وهزيمة العراق وطرده من الكويت، في تعزيز وزيادة حجم الانحياز الأمريكي لإسرائيل، وليس العكس كما روج لذلك، غالبية محللينا السياسيين. ونوضح ذلك فنقول: إننا لو تأملنا السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية، في ظل نظام القطبين، فإننا سنجد أنها كانت تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسين:
الأول: حماية المصالح الأمريكية الكبيرة في المنطقة العربية، وبالذات المصالح النفطية.
الثاني: تقديم كافة أنواع الدعم الممكن لإسرائيل.
ولكن وجود المعسكر الشرقي وعلى رأسه الإتحاد السوفيتي، وظهور الأنظمة العربية الثورية على الساحة في ذلك الوقت، كان يجعل من تحقيق هذين الهدفين معاً، أمراً صعباً. فالمصالح الأمريكية في المنطقة العربية كان يمكن الحفاظ عليها بسهولة، في ظل غياب الانحياز الأمريكي لإسرائيل، والعكس صحيح. وقد كانت الإدارات الأمريكية المختلفة تدرك ذلك، وكانت تدرك أيضاً أن انحيازها لإسرائيل سيهدد مصالحها الحيوية في المنطقة العربية (١)، وسيثير المشاعر العربية المعادية لها، وسيدفع كثير من الدول العربية إلى تعزيز علاقاتها بالمعسكر الشرقي، وهذا ما لا تريده أمريكيا.
إذاً كيف استطاعت أمريكيا التعامل مع هذه المعضلة الصعبة، أي الحفاظ على مصالحها الحيوية في المنطقة العربية، وتقديم كافة أنواع الدعم الممكن لإسرائيل، من غير أن يؤدى ذلك إلى تعاظم الدور السوفيتي، والمد الثوري القومي في المنطقة العربية؟. والإجابة على ذلك هو أن السياسة الأمريكية، اتبعت أسلوبين يكمل كلاً منهما الآخر لحل هذه المعضلة:
(١) العلاقات العربية الأمريكية والضغط الصهيوني ـ اندرو كارفلى ـ ترجمة أسعد حليم ـ ص ٤ - الهيئة المصرية العامة للكتاب, ١٩٧٠.