وإذا كانت بعض الشعوب والأمم خلال التاريخ اعتقدت أيضاً بأنها مكلفة بمهمة حضارية وهذا لا نقاش فيه ولكن ما يميز أمريكا التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة هو التأكيد الشرعي بالثقة بالذات وبشخصية غير مألوفة أخذت عندها شكلاً مرضياً. وإن كان من الطبيعي كما يحدث في أي جهاز حي بأن تعبر أي أمة دون مراوغة عن إرادتها بالسيطرة أما فيما يخص أمريكا فهي تشعر بهذه الإرادة لها جذور إلهية. لقد ظهرت ثقتها بنفسها منذ البداية بشكل تأكيد مضخم لاستعلاء مطلق وفي الوقت نفسه بشكل شخصية قومية مصابة بمرض العظمة (١).
[إرهاب التسعينيات وحرب العراق الأولى]
منذ (ترومان) وحتى (بوش)، حاول رؤساء أمريكا الحديثة التوسع في غرب (الغرب الأميركي) وحيثما شاء (القدر المتجلي). لقد حاولوا التصدي للشيوعية والتوسع الصيني وبسط سيطرتهم على منابع النفط العربية. وخلال حقبة التسعينيات، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وولادة نظام أحادى القطبية، عملت أمريكا على عولمة إرهابها وسيطرتها على العالم في ظل ما سمى بالنظام العالمي الجديد، الذي هو تسمية بديله للهيمنة على العالم، حيث صاغت أمريكيا إستراتيجيتها الانفرادية التي تحوي ثلاثة عناصر أساسية:
١. عدم تسوية أي مشكلة نهائياً لتبرير عمل عسكري في أي زمان ومكان تختاره أمريكيا.
٢. تطوير أسلحة جديدة يفترض أن تضع أميركا في تسابق نحو التسلح يجب ألا يتوقف أبداً.
٣. التركيز على ميكروـ قوى (العراق، كوريا الشمالية ... ). لأنها "الطريقة الوحيدة لإبقاء السيطرة الأمريكية على العالم من خلال (مواجهة) فاعلين من الدرجة الدنيا للرفع من شأن القوة الأميركية، "وهذا مفيد لمنع أو على الأقل لتأخير وعي
(١) أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص ٢١٦ - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - ٢٠٠١