للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الأنظمة التي أرسلتهم إلى الجهاد ضد الإلحاد، هي نفسها الأنظمة التي استقبلتهم حين عودتهم إلى بلادهم بإيداعهم وراء قضبان السجون، بتهم ثابتة في بعض الأحيان، وبشكوك مستريبة مقدماً في أحيان أخرى (١).

[سيناريو جاهز]

في ظل التوجهات الأمريكية منذ عقدين من الزمان، والتي اتخذت الإسلام كعدو بديل، في استراتيجيتها الكونية، وسعت جاهدة لخلق وتضخيم الخطر الإسلامي لإقناع العالم بتوجهاتها العدائية تجاه الإسلام، فإنه لم يكن صدفة أن تلجأ الإدارات الأمريكية المتلاحقة إلى تضخيم هذا الخطر، بل وتشارك في صناعته، عن طريق استخدام بعض الحركات الإسلامية ورموزها، لتحقيق هذا الهدف. وأي مراجع ومدقق لبعض الحركات الإسلامية أو الأصولية ـ كما تسميها أمريكيا ـ سيكتشف أنها في غالبيتها نشأت وترعرعت بمباركه أمريكية (٢).

فقد نجحت وكالة الاستخبارات الأميركية في الثمانينات في تجنيد متشددين إسلاميين، وتنظيم صفوفهم في حرب


(١) من نيويورك إلى كابول ـ محمد حسنين هيكل ص ١٣١
(٢) نشرت جريدة الشعب المصرية دراسة "حملة بوش الصليبية على العالم الإسلامى" التي أعددتها بعد أحداث ١١ سبتمبر حيث علقت عليها بالقول: " تنشر الشعب هذا البحث الذي ورد إليها، وهو يكشف إلي أي حد سيطرت الخرافة والأسطورة على كثير من صناع القرار في الغرب، ومنهم رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية. البحث في عمومه جيد، لولا الأخطاء الحتمية التي يقع فيها من يتناول الشأن الإسلامي بمرجعية غير إسلامية، وعلي سبيل المثال فإن البحث الذي تصدي لكشف مدى انحراف الفكر الغربي، المتعلق بمنطقتنا، لا يتورع عن تبنى مقولاته ومقولات عملائه، من أن الولايات المتحدة هي التي صنعت الإرهابيين ومولتهم كي تستعملهم كذريعة بعد ذلك في الهجوم علي العالم الإسلامي وتدميره. وهي مقولة خاطئة، ويترتب علي الاقتناع بها أن نوغل في مزيد من الخطأ. التصور الصحيح للمسألة، أن أمريكا، كممثلة للغرب، وطليعة له، قد استطاعت أن تؤمن في معظم دول المنطقة، حكاما عملاء، وبتعبير ريتشارد نيكسون في كتابه " انتهزوا الفرصة"، أنهم ليسوا سوي وكلاء للولايات المتحدة في حكم شعوبهم .. وأن معظم من يطلقون عليهم الإرهابيين، هم الفئة المجاهدة التي رأت المخاطر المحدقة بالأمة، وحاولت أن تقاوم انجرافنا للهاوية، وقد كلف الغرب الوكلاء المحليين بمحاولة القضاء عليها، كما كلفت إسرائيل، وعندما عجزوا، جيش الغرب جيوشه كلها للقيام بالمهمة. لن نقول أن قصور البحث في تناول هذه النقطة لا ينال منه، لكننا في نفس الوقت نؤكد على أهمية وغزارة المعلومات الواردة فيه، وخطورتها". جريدة الشعب ـ مصرـ ١٢/ ١٠/٢٠٠١م ـ ومع احترامي الشديد لكاتب هذا التعليق، الذي افترض بأنني اكتب بمرجعيه غير إسلامية، فإنني اعتقد انه غير رأيه الآن بعد تكشف كثير من الحقائق عما يسمى بتنظيم القاعدة، وتكشف الدور الخطير الذي لعبه ولا يزال يلعبه في خدمة المخططات الأمريكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>