للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغضب الذين ألما بنا في وجوه كل من نقابله، ولا نستطيع الانتباه إلى فيض الأخبار اليومية عن هذه الكارثة، ولكننا نقرأ من الأخبار ما يكفي للإحساس بأن حكومتنا تسير باتجاه الانتقام العنيف، مع احتمال مقتل أبناء وبنات وأباء وأمهات وأصدقاء في بلاد بعيده، أو معاناتهم وإحساسهم بالمزيد من الظلم الذي ألحقناه بهم، وليست تلك هي الطريق التي ينبغي إن نسلكها، وهي لن تشفي غليلنا لمقتل ابننا وليس باسم ابننا".

إن ما يجمع كل هذه الأصوات هو أنها على الأغلب قد أبعدت عن تواريخنا التقليدية وعن وسائل الإعلام الرئيسية والكتب الدراسية المقررة المعيارية والثقافة الخاضعة للسيطرة. والنتيجة التي تنجم عن خضوع تاريخنا لهيمنة الرؤساء والجنرالات والناس (المهمين) الآخرين، هي خلق مواطنين سلبيين لا يدركون مكمن طاقاتهم وينتظرون دوماً مخلصاً يأتي من السماء على هيئة رئيس أو غيره ليجلب السلام والعدالة. إن التاريخ المنظور إليه تحت السطح في الشوارع وفي المزارع وفي ثكنات الجنود والمعسكرات المتنقلة وفي المصانع والمكاتب، يخبرنا بقصة جورجيا، وفي كل وقت تم رفع مظالم أو وقف حروب أو منح النساء والسود والأمريكيين الأصليين حقوقهم المشروعة، كان ذلك لان أناساً غير مهمين رفعوا أصواتهم بالحديث ونظموا واحتجوا ومارسوا الديمقراطية" (١).

[الفيروس الأميركي .. فضح الإمبرطورية الأميركية]

اشتهر في علم السياسة والإستراتيجيات مصطلح (باكس بريتانيكا) ( Pax Britanica) ، وكان وما زال يشير إلى عصر الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس. يتضمن ذلك المصطلح مغزى مهماً (من تصنيع منظري الإمبراطورية)، هو أن الإمبراطورية تنشر السلم والأمان وأنها عبر الانتشار العسكري والكولونيالي في طول وعرض الكرة الأرضية، توحد البلدان المتنازعة تحت رايتها، وتنزع فتيل الصراع ويعيش الجميع في كنفها بسلام. وطبعاً لم تكن الأمور بهذه البساطة والليونة, فقد كان عصر الـ (باكس بريتانيكا) عصراً استعمارياً بامتياز، فيه


(١) الأصوات المغيبة والمصلحة القومية الكاذبة- بقلم هوارد زن - جريدة الخليج عدد ٩٣٢٦ تاريخ ٣٠ - ١١ - ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>