للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باقيه حتى الآن ... الديمقراطية للبيض وليست للسود ولا للهنود (١). الديمقراطية للبروتستانت الانجلوسكسون وليست للكاثوليك والارثوذكس أو المسلمين، الديمقراطية للانجلوسكسون وليست للاسبان أو الايطاليين أو العرب.

[الكسر الحضاري]

إنّ الذي يمعن النظر في حركة التاريخ، يتجلّى له بوضوح أنّ أقصى ما تعمرّه أيّ قوة حضاريّة هو خمس قرون, لتنتقل الدورة الحضاريّة إلى بقعة أخرى تكون قد إستجمعت شروط الإنطلاق النهضوي والحضاري. وهذا ما تجسدّ بالفعل في التاريخ البشري. وقد تمكنّ العديد من المفكرين الغربيين من الوصول إلى هذه النتيجة كروبنسون وبرتراند رسل وروني دوبو و روجيه غارودي وروني جينه وغيرهم. وكل المؤشرات تشير إلى ان أمريكا مقبله على سقوط حضاري كبير، حيث إنّ أعظم ما أنتابها هو إنعدام التوازن في مشروعها النهضوي, فبدل أن تهتم بالإنسان كجوهر إهتمّت به كعرض, مما جعل التقنية المتطورة التي بلغتها تسير في غير هدى حضاري, وهذا من شأنه أن يعرّض ليس أمريكا فحسب بل الإنسانية بكاملها لعملية الإنقراض الشاملة. وهذا الإنعدام في التوازن ولدّ التخطيط المشوّه, إذ أنّ أمريكا سخرّت آلاف الملايير من الدولارات لدعم التسلّح والترسانة العسكريّة على حساب المجالات الإجتماعيّة الأخرى. وهذا ما أنتج طبقة فقيرة في المجتمع الأمريكي قد تتحوّل مع مرور الأيّام إلى قنبلة موقوتة في وجه الشركات الأمريكية الكبرى ذات النفوذ الواسع في السياسة الأمريكية (٢).

لقد دخلت الولايات المتحدة مرحلة السقوط التاريخي بالانهيار التدريجي للخط البياني لحضارتها أي التفكك التدريجي الداخلي (بؤس متزايد) ثلاثة وثلاثون مليون نسمه يعيشون تحت خط الفقر، تحلل في المجتمع يرجع إلى تفرقة عنصريه عريقة الأصول بالأخص للزنوج، وتعتبر اضطرابات لوس أنجلوس ومسيرة المليون اسود بقيادة لويس فاراخان في واشنطن أهم الشواهد على ذلك، وذلك فضلاً عن تفتت


(١) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى- ص ١٤٧
(٢) الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي.- يحي أبوزكريا - http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_٠٧٠٦٢٢.htm

<<  <  ج: ص:  >  >>