لم يكن اختيارنا لعنوان الكتاب "الحملة الصليبية على العالم الإسلامى والعالم" يهدف فقط لتسليط الضوء على الابعاد الدينية لسياسة بوش تجاه المنطقة العربية والإسلامية والتى وصفها بالحرب الصليبية، بل كان محاولة لكشف الرؤية الدينية التى سيطرت على تصرفات أمريكا تجاه العالم منذ نشأتها وحتى الآن حيث لم تكن حملة بوش الاخيره الا محطه من المحطات الكثيرة التى حاولنا قدر الامكان عرض بعضها، واذا كنا قد وضعنا "حملة بوش الصليبية على العالم الإسلامي" كعنوان للجزء الثاني، فإن مرد ذلك انها كانت اكثر المحطات وضوحاُ في توجهاتها وخلفياتها الدينية، واكثرها دموية. وهذا لا يعنى ان هذا النهج سيتوقف في القريب العاجل عند محطة بوش، بل سيستمر حتى يفوق العالم من سكرته ويضع الخطط لمواجهة هذا النهج وطريقة التفكير العدمية التى ستقود البشرية إلى كارثة لا يعلم مداها الا الله.
فنهج وسياسة بوش ما هو الا استمرار لنفس الاسس وطريقة التفكير ومنظومة القيم التى حكمت أمريكا ولا زالت وستبقى لفتره ليست بالقصيره ان لم يتحد العالم ويتصدى لهذا الفكر. فبوش لم يكن الا عنوان بارز لهذا النمط من التفكير العدمى الذى جر ويلات كثيره على العالم، والتى جعلت العالم غير مستعدّ لرئيس آخر من الحزب الجمهوري المتطرّف .. خصوصاً بعد أسوأ رئيس مر على تاريخ أمريكا.
اعلم ان كلامنا كان قاسياً على الأمريكيين، ولكن أمام ضخامة الخطر كان علينا أن نرد برفض واضح، إذ إنه لا يمكن أن نوقظ الناس وننبههم لأن يدركوا هذه الأمور بالهمس في آذانهم. لقد حاول هذا الكتاب أن يشرح ويوضح خطورة الرؤى الدينية الاحادية المغلقه التي تعمل في كل مكان لإلغاء الحضارات الأخرى لاخضاعها لنمط معين من التفكير، واجبارها على الاستسلام أو الموت لتلك القدرية المحتومه. ولكن التاريخ علمنا بان هذا النوع من الرؤى بالرغم مما يسببه من دمار وفوضى لابد ان يهزم امام ارادة الخير والمحبة والحق. فمنذ زمن حذرنا الفيلسوف الراحل جان