تعتبر عقيدة المسيح المخلص، أو المسيح المنتظر، إحدى أركان العقيدة اليهودية الأساسية، التي ابتدعها اليهود أثناء السبي البابلي، وتتلخص هذه العقيدة في إيمان اليهود بمخلص من نسل داود، سوف يأتي في نهاية التاريخ، فيفدى شعب إسرائيل، وذلك بإنقاذه من النفي، والعودة به إلى الأراضي المقدسة، حيث يحطم أعداء إسرائيل، ويعيد بناء الهيكل، ويتخذ من أورشليم عاصمة له. وقد انتقلت هذه العقيدة وغيرها من الأفكار اليهودية إلى المسيحية، ولكن مع الفارق في الفهم والتفسير، ولكن جاءت البروتستانتية لتصبغ على هذه العقيدة نفس المعاني التي أرادها اليهود، فأصبح مسيحهم المنتظر، هو المسيح اليهودي بلحمه ودمه، وليس المسيح عيسى عليه السلام الذي رفضه اليهود كما رفضته البروتستانتية، وأتباعها، مما يسمون المسيحيين الأصوليون، وأصبح مسيحهم هو المسيح اليهودي المحارب، وليس المسيح عيسى (رسول السلام).
ولتوضيح كيفية ظهور هذه العقيدة في الفكر اليهودي بعد السبي البابلي سنلقي نظرة على تاريخ اليهود العبرانيين في فلسطين حتى تلك الفترة وكيف تحول هذا الفكر من تقافة الانفتاح إلى ثقافة الانغلاق والعنصرية والتعالى، فصنع لنفسه تاريخاً مزوراً قائم على الاحلام والتمنيات والاحقاد والاحساس بالاضطهاد، فكان لابد من الاستعانه بالثقافات الاخرى وتبنى اساطيرها وتأويلها وفقاً لمتطلباته.
[العبرانيون بنو اسرائيل]
سكن الإنسان أرض فلسطين منذ العصور الموغلة في القدم، وهناك آثار تعود إلى العصر الحجري القديم (٥٠٠ ألف - ١٤ ألف ق. م)، وخلال الألف الثالث قبل الميلاد هاجر إلى فلسطين العموريون (الأموريون) والكنعانيون، وكذلك اليبوسيون والفينقيون (وهما يعتبران من البطون الكنعانية)، وعلى ما يظهر فقد كانت هجرتهم إلى فلسطين حوالي ٢٥٠٠ ق. م. ويرى ثقات المؤرخين أن العموريين والكنعانيين