للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كراهية السياسة الأميركية]

حدد السيناتور الأميركي الليبرالي (وليم فولبرايت) في كتابه (غطرسة القوة) عام ١٩٦٦، موطن الداء في السياسة الخارجية الاميركيه التي تهيمن عليها بحسب وصفه "روح توسعيه تسعى إلى هداية الدول الأخرى ودعوتها أو إجبارها على الاقتداء بالنموذج الأميركي، باعتباره افضل ما أنجزته البشرية"، حيث كانت هذه الكلمات صرخة قويه تعبر عن الاحتجاج على اعتبار القوة والفضيلة صنوان يتماهيان إلى حد التطابق، وهذه هي الآفة الكبرى للغرب والتي ستقوده إلى الأفول، وربما ستقود البشرية إلى دفع الثمن الذي لا يحتمل. ليس الغرب إذن مجرد هدف للعنف أو الإرهاب، بل هو كان ولا يزال نموذجاً ومثالاً أعلى لصناعة العنف والقوة والارهاب (١). فهذه الحضارة الغربية قد ولّدت أبشع الحروب وأكثرها مأساوية في التاريخ، وأن ضراوة ووحشية تلك الحروب كانت دوماً من حرب إلي أخري، تصبح أكثر تدميراً، وذلك في تناسب مباشر مع الحضارة الغربية وحداثتها. فكلما زادت الحداثة الغربية، زادت إمكاناتها وزادت تبعاً لذلك لا إنسانيتها ووحشيتها (٢).

وبدلاً من ان يعترف الغرب وأمريكا بالذات بمسئوليتهم عن صناعة الارهاب، فإن كثير من التحليلات الأميركية تحوم في مجملها حول القول بأن: "الإرهابيين يستهدفون الولايات المتحدة لأنهم يحسدونها, أو لأنهم يكرهون نمط الحياة فيها, أو لأنهم يحبون الموت الأعمى والمجاني". ولكن البعض يقول إن هؤلاء (الإرهابيين) هم نتيجة لظاهرة, وليس ظاهرة بحد ذاتها معزولة عن جذور مؤسسة لها. إنهم, نتاج السياسة الخارجية الأميركية الفاشلة التي حشدت العداء والأعداء في كل العالم وتحصد الآن ما زرعت ليس إلا. فالعالم لا يكره الولايات المتحدة كشعب, أو طريقة حياة, أو نمط تسييس داخلي. لكن ما تكرهه الشعوب هو سياسة أميركا الخارجية لا


(١) صناعة الإرهاب - د. عبد الغني عماد - ص١٤٩
(٢) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم -القدس العربي- ٢٨/ ٢/٢٠٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>