للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم رؤية الواقع. ففيما يظل باقي العالم عاكفاً على مراقبة أمريكا باهتمام وعلى اخذ آرائها في الحسبان، يبقى الأمريكيون غالباً غافلين عن وجود آراء اخرى- أو هم لا يبالون بها إذا انتبهوا إلى وجودها.

وليس الامر الذى يثير حفيظة الاجانب من النزعة الاحادية الأمريكية متمثلاً بقراراتها السياسية الواعية، بل متجسداً بحالة النسيان والغفلة الكامنة وراء تلك السياسات والخطط (١).

وهناك أيضاً تأكيد كبير على جوانب ضعف الثقافة الأميركية وفشل المخيلة الأميركية في إدراك مدى المعارضة التي تثيرها السياسات الأميركية. فالأميركي المعزول طوعاً بسبب انشغاله في تفصيلات حياته اليومية, أو قسراً بسبب إغراق وسائل الإعلام في القضايا المحلية والتافهة وملاحقة أخبار الفنانين, لا يستوعب ولا يعرف أساساً ما الذي تقترفه السياسة الخارجية الأميركية في بقية مناطق العالم, وكيف يُنتج توحش تلك السياسة عداوات متراكمة ضد الولايات المتحدة وسياستها وشعبها أيضاً. وعندما تنفجر تلك العداوات بشكل عنيف يتفاجأ الأميركيون ولا يدركون ما الذي حدث ولماذا. فقد شهدت الولايات المتحدة بعد عام ١٩٨٩ موجة مراجعة شاملة للسياسات والمواقف الأميركية قائمة على الانكفاء للداخل، وتقليص الإنفاق العسكري، حتى إن محطات الإعلام الأميركي خفضت مكاتبها الخارجية بنسبة الثلثين، ولكن أحداث ١١ سبتمبر أعادت السياسة الخارجية مرة أخرى إلى الواجهة وجعلتها مركز الإستراتيجية الأميركية، حيث كشفت الأحداث عن الحاجة إلى إستراتيجية أميركية جديدة قائمة على القوة العسكرية والقوة الناعمة التي لا تقل أهمية عن السلاح والتقنية، ويقصد بها الثقافة والإعلام، إذ تبين للأميركيين أن العالم يكرههم، فتنبهوا إلى ضرورة تنفيذ حملة إعلامية وفكرية تحت عنوان (لماذا يكرهوننا؟). http://www.aljazeera.net/books/٢٠٠٣/٣/٣-٥-١.htm - TOP


(١) الدولة المارقة - الدفع الاحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر -ص٢٤ - ٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>