الغزو الفكري أدواته وأهدافه في العالم الإسلامي (١)
لما بدأ المسلمون يتخلون عن مبادئ دينهم العظيم، بدأ يدب في عضدهم التفرق والوهن والضعف، فوصل حالهم إلى ما هو عليه، ليفسحوا - بسبب تقصيرهم- المجال، مره اخرى لحضاره لا تعترف بالانسان كقيمه، بل كشئ كغيره من الاشياء، حضاره تميز بين الناس عنصرياً على اساس لونهم وجنسهم وانتماءاتهم ... حضاره لا مكان للثقافه ولا لتلاقح الحضارات، ولا لخصوصيات الشعوب. حضاره اصبح الصراع والحروب هو البديل لنهجها، والقتل والتدمير وسفك الدماء طريقها، في غابه كونية اصبح شعارها البقاء للاقوى .. وفرق تسد والغاية تبرر الوسيله، فكانت حصيلة عصرنا الحاضر ظلم وجور واستغلال ونهب وابادة وحروب مدمره لن تنتهى مادامت هذه الحضاره مسيطره .. ومادام الآخرون مما يملكون البديل الانسانى صامتين ومقصريين، فاسحين المجال لتمادى قوى الشر لاكمال مشروعها العدمى للبشرية، تحت مسميات وشعارات براقه لحقوق الانسان والديمقراطية والحرية، والتى لم يحققوها في بلدنانهم أو في اى من البلاد التى حلت عليها نقمتهم واحقادهم. فقد نجح هذا المشروع العدمى الذى تقوده أمريكا بخلفيتها التوراتية، في اماكن كثيره كما عرضنا سابقاً بدءً من ابادة الهنود الحمر واستعباد السود، مروراً بنهب أمريكا اللاتينية وتدمير اوروبا وانتهاءً بما يخطط للعالم الإسلامى منذ فتره كبيره.
ولكن لكى تكتمل الحلقة الجهنمية، ويتم اخضاع العالم الإسلامى لمخططات اسياد الظلام، من يهود وأمريكان اشباه يهود، كان لا بد من ضرب هويتنا وحضارتنا وتاريخنا. ومن اجل هذا تزداد شراسة الهجمة وحشية وهمجية وانكشافاً. فنحن وحتى اللحظة لا زلنا نتمسك بانتمائنا وهويتا، ونعتز بتاريخنا، منصهرين في بوثقه حضارتنا وقيمنا. وهذا ما يراد اسقاطه عبر الهجوم اللاحضارى الكاسح، الذى يسعى الاعداء من خلاله لدفعنا للتنكر لهويتنا وانتمائنا، نلعن تاريخنا، ونحتقر حضارتنا ونسفه قيمنا ونعتبر كل ذلك سبباً لجهلنا وتخلفنا. وقد بدء التخطيط والتنفيذ لهذه
(١) الغزو الفكرى أدواته واهدافه في العالم الإسلامي - سلسلة مقالات للمؤلف نشرت في جريدة الوحدة الاماراتية عام ١٩٨٧