صدمة التفوق التقني في بداية القرن الثامن عشر كان الغرب قد سبقهم بأربعمائة سنة في التقدم العلمي، وبدأ التأثير الغربي يغزو الشرق من مدخل التقنية.
وهكذا أصبح العالم الإسلامي اليوم، إذا قورن بالعالم المسيحي الذي دأب على منافسته طوال ألف عام، فقيراً ضعيفًا وجاهلاً، وتبدى للجميع في القرنين التاسع عشر والعشرين تفوق الغرب وهيمنته، فقد غزي العالم الإسلامي في كل جوانب حياته العامة والخاصة. ولم يقتصر الأمر على أن يجد المسلمون أنفسهم ضعفاء وفقراء بعد قرون من الثراء والقوة، فقد أتى القرن العشرون بمزيد من الإذلال والهزائم، وتقدمت عليهم دول أخرى كانت أضعف وأفقر مثل اليابان ودول شرق آسيا. وهنا بدأ كثير من المفكرين والمصلحين محاولة معرفة اسباب هذا الخلل، حيث كانت الاجابات متنوعه ومختلفة. فقد حُمّل المغول والأتراك والاستعمار الغربي واليهود مسؤولية التخلف والضعف، وأعادها البعض إلى أسباب ثقافية وفكرية تعود إلى التخلي عن الثقافة الإسلامية والركض وراء الثقافة الغربية (١).
وبالتأكيد فإن كل هذه الاسباب صحيحة ولكننا سنركز هنا على الاسباب الفكرية والثقافية التى ادت إلى انهيار العالم الإسلامي، لاعتقادنا بانها تمثل الثقل الرئيس في عوامل النهوض والانكسار لاى حضارة أو ثقافة. فالحضارة الإسلامية بدأت في اتخاذ منحناً تنازلياً بعد ان ظهرت الخلافات الفكرية والمذهبية بين اتباعه، مقرونه بالجمود والتقليد، وبلغت ذروة ذلك عندما تم قفل باب الاجتهاد وبدأ التضييق على حرية الفكر والابداع الذى طبع حركة الإسلام الأولى، فكان نتيجة ذلك ان قل الالتزام بتعاليم الإسلام أو ظل الالتزتم موجوداً ولكن من خلال الأخذ بالمظهر دون الجوهر.
(١) أين الخطأ؟ .. التأثير الغربي واستجابة المسلمين- برنارد لويس- ترجمة: محمد عناني-تقديم ودراسة: رؤوف عباس