للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزعماء السياسيين، بل من وجهة نظر صغار أفراد الطبقة العاملة، الذين اصبحوا أفرادا في الجيش، أو الآباء أو الأمهات والزوجات، الذين تلقوا برقيات النعي. أردت إن اروي قصة حروب الأمة من وجهة نظر العدو: وجهة نظر المكسيكيين الذين جرى غزوهم في الحرب المكسيكيه، والكوبيين الذين تم الاستيلاء على بلادهم سنة ١٨٩٨، والفليبنيين الذين عانوا حرباً عدوانية مدمرة في مستهل القرن العشرين قتل فيها نحو ٦٠٠ ألف شخص نتيجة لتصميم حكومة الولايات المتحدة على الاستيلاء على الفليبين".

والذي أذهلني حين بدأت دراسة التاريخ، والذي أردت إن انقله عبر كتابتي للتاريخ، هو كيف إن حماس القوميين الذي يجري غرسه في الأذهان منذ الطفولة من خلال قسم الولاء والسلام الوطني والتلويح بالأعلام والخطاب العسكري - يخترق الأنظمة التعليمية والتربوية ويتخللها في جميع الدول بما فيها دولتنا. كنت أتسائل كيف كانت ستبدو سياسات الولايات المتحدة الخارجية لو أزيلت الحدود الوطنية في العالم، في أذهاننا على الأقل، واعتبرنا الأطفال في كل مكان مثل اطفالنا. لو فعلما ذلك لما كان بوسعنا إن نلقي قنبلة ذرية على هيروشيما، أو قنابل النابالم على فيتنام أو القنابل العنقودية على أفغانستان أو العراق، لان الحروب وبخاصة في وقتنا الحاضر هي حروب ضد الأطفال دوما" (١).

[الكلمة المحكية كعمل سياسي]

عندما بدأت كتابة (تاريخ شعبي) كنت متأثرا بتجربتي الخاصة، حيث أعيش ضمن مجتمع السود في الجنوب مع عائلتي، وأمارس التدريس في كلية البنات السوداوات، وانخرط في الحركة المناوئة للفصل العنصري، وقد أصبحت مطلعاً على الكيفية التي يجري بها تحريف تدريس وكتابة التاريخ على نحو سيئ، وذلك بطمس الناس غير البيض. نعم كان الأمريكيون الاصليون هناك في التاريخ ولكنهم اختفوا بسرعة. وكان السود ظاهرين عبيداً ثم احتسبوا أحراراً، ولكنهم لا يظهرون. كان التاريخ تاريخ الناس البيض. ومنذ المرحلة الابتدائية وحتى التخرج من المدرسة لم


(١) الأصوات المغيبة والمصلحة القومية الكاذبة- بقلم هوارد زن - جريدة الخليج عدد ٩٣٢٦ تاريخ ٣٠ - ١١ - ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>