للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمريكا .. ذلك الوجه الآخر!]

في إحدى الغزوات اكتشف أحد صيادي الأرواح إمكانية استخدام الأعضاء الذكرية أكياساً للتبغ، ثم تطورت الفكرة المثيرة من هواية فرديه للصيادين إلى صناعة رائجة, بعد إن صار (كيس التبغ) هذا مثل الشاربين، من أبرز علامات الرجولة والفروسية والأرستقراطية الاستعمارية، وصار الناس يتهادونه في أعيادهم وأفراحهم، لكن هذه الصناعة لم تعمر طويلاً في داخل أميركا, بعد أن انخفض عدد الهنود في عام ١٩٠٠م إلى ربع مليون، وضاق وجه الأرض الأمريكية بالسلخ وقطع الرؤوس, ولم يعد أمام الحضارة إلا أن تبحث وراء المحيط عن مجاهل جديدة ووحوش طازجة في باناما, والفيليبين, واليابان و وهاييتي, وكوريا, وفيتنام, وبلاد العرب (١). فكانت النتيجة أن القرن العشرين كان هو القرن الأكثر دموية في تاريخ الجنس البشري، حيث قتل في هذا القرن ١٢٠ مليون شخص في ١٣٠ حرباً، وهذا العدد يفوق عدد من قتلوا في كل الحروب فيما قبل سنة ١٩٠٠ م (٢)، وقد كان لأمريكا نصيب الأسد في ذلك. وهناك إحصائية موثقة في سجلات هيئة الأمم المتحدة تشير بوضوح بأن عدد الناس الذين قتلوا من قبل أميركا فقط ـ بشكل مباشر ـ بحروبها منذ الحرب العالمية الأولى, وحتى نهاية حرب أفغانستان بلغوا أكثر من ٦٠ مليون إنسان، وهنا علينا أن نتخيل ما هي الديمقراطية التي تطالب بها الولايات المتحدة؟!. وهنا يحاول كل من (جيف سيمون) و (نعوم تشومسكى) بيان الوجه الآخر للديمقراطية الأمريكية عبر مسح الجرائم, التي قام بها الأمريكيون في التاريخ القريب وفيما يلي أبرز محطاته:

في إفريقيا: " ... في ليبيريا قتل في أوائل عقد التسعينيات أكثر من ١٥٠ ألف شخص، وقتل الآلاف في زائير (أرغم نصف مليون شخص على هجر منازلهم بسبب التطهير العرقي)، وشرد مليون نسمة في سيراليون، ومات زهاء٦٠ ألفا في الحرب والمجاعة عام ١٩٩٠م وحده، وفي أنغولا مات عشرون ألفا أثناء حصار منظمة يونيتا لمدينة كويتو, الذي استمر ثمانية أشهر، وهو حدث بين أحداث مماثلة عدة


(١) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص٧٩
(٢) ١٩٩٩م نصر بلا حرب - ريتشارد نيكسون - تقديم المشير/ محمد عبد الحليم أبو غزالة ص٢٣. مركز الاهرام, ١٩٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>