للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطهير بلاد الشام من الصليبيين. يضاف إلى ذلك أن الحكومات الإسلامية التي امتازت من قبل الحروب الصليبية بالتسامح مع أصحاب الأديان الأخرى أخذت تتحفظ في تسامحها مع الأوروبييين بسبب هجماتهم المتكررة على الديار الإسلامية، لذلك نلاحظ قلة عدد الحجاج الأوروبيين عقب الحروب الصليبية (١).

[نتائج الحروب الصليبية]

إذا نظرنا إلى نتائج الحروب الصليبية على أوروبا، نجد أن الإقطاع الذي كان عصب النظام الإجتماعي والعسكري في أوروبا، قد أصيب بضربة قاسمة لم يفق منها إلا بصعوبة بعد أن خسر كل مكاسبه، مما جعل الفرصة مواتية للملوك لزيادة سلطتهم وتقوية المركزية في دولهم، اي انها زادت قوة السلطة الدنيوية، وخصوصاًَ قوة الملوك (٢). ومن النتائج السياسية أيضا تأخر سقوط القسطنطينية في يد الأتراك العثمانيين، لان الحروب الصليبية قد أنهكت القوى الإسلامية، مما جعلها أقل مقاومة لتيار المغول القادم من الشرق، ومع مقاومة وحروب الصليبييين من جانب، وقوى المغول من جانب، نجد أن القوى الإسلامية قد انشغلت لوقت طويل بهذا الصراع، ولم تتفرغ إلا بعد وقت طويل لمهاجمة العاصمة البيزنطية وهي القسطنطينية وإسقاطها عام ١٤٥٣ م.

أما عن النتائج الحضارية للحروب الصليبية فهي كثيرة يخطئها الحصر، فقد دخلت كلمات عربية كثيرة إلى اللغة الأوروبية، وانتشرت القصص الشرقية في أوروبا وظهرت في صورة جديدة في اللغات الأوروبية الناشئة التي بدأت تحل محل اللغة اللاتينية. كما تأثر الصليبيون بروعة الزجاج المصنوع في بلاد الشام ونقلوا هذا التأثير وأسرار هذه المهنة فأدى ذلك إلى ظهور الزجاج الملون الذي نشاهده في الكنائس القوطية. وشاهد الصليبيون البوصلة والبارود وأوراق الطباعة في بلاد الإسلام، ونقلوا كل هذه الأدوات والمعرفة إلى بلادهم. كما تأثر الغرب بالشعر والعلوم والفلسفة العربية التي وصلت إليهم عن طريق أسبانيا وصقلية بالإضافة إلى


(١) راجع الحروب الصليبية الثالثة (صلاح الدين وريتشارد- ج٢ ترجمة وتعليق حسن حبشي - الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٠٠٠
(٢) الموسوعة الصهيونية - د. عبد الوهاب المسيري المجلد السادس ص ١٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>