للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استغلال المسيحية لتبرير الغزو]

ليس جديداً علي التاريخ أن يضيف المحاربون إلى غزواتهم جرعة سماوية، ويزعمون بأنهم يلبون نداءً سماوياً، فتلك حيلة لاذ بها غزاة عديدون ادعو الإلهام ... فالطغاة الكبار لديهم وهم كبير أيضاً، فهم يتصورون أنهم خالدون وليسوا من البشر الفانين (١). وهنا يعبر القس (فريتس ريتسش) في مقاله له بالواشنطون بوست، عن قلقه من هذه الظاهرة التي تقلب العلاقة التقليدية بين الكنيسة والدولة في التاريخ الأمريكي رأساً على عقب، وتجعل رجل الدين في خدمة رجل الدولة، بكل ما يعنيه ذلك من استغلال المسيحية في تبرير الغزو والاستعمار، وإشعال الحروب مع ديانات أخرى وخصوصاً الإسلام. فالعلاقة بين الرئيس بوش والقاعدة الدينية اليمينية التي حملته إلى الرئاسة ليست علاقة صحية، ذلك أن: "أنصار بوش المتدينين يتصدرون المصفقين له. وبدلاً من أن يقدموا له الهداية الأخلاقية، فإنهم يرضون بأن يكونوا تلاميذ ومريدين له حسب تعبيره. ويقصد القس (فريتس) بذلك قادة اليمين المسيحي من أمثال بيلي غراهام وابنه فرانكلين، وجيري فالويل، وبات روبرتسون، وغيرهم .. وكلهم معروف بصداقتهم الحميمة للرئيس (بوش) ودعمهم المطلق له، وكلهم معروف بعدائه السافر للمسلمين، وهجومه على الإسلام ومقدساته، وبإيمانهم الراسخ بالدولة اليهودية.

ويعترف القس (فريتس) بحقيقة تأثير الدين في السياسة الأمريكية اليوم أكثر من أي وقت مضى، فيقول: "لم يحدث في التاريخ أن كانت أمريكا مسيحية سياسياً وبشكل علني مثل ما هي اليوم". لكنه يحذر، "بأن اقتناعنا بأن الرب إلى جانبنا، يجعل الحاجة إلى مراجعة الذات وإلى التواضع أقل". ويختم القس فريتس مقاله العميق بدعوة رجال الدين المسيحيين إلى بث رسالة التواضع والإنصاف، ويحذر قائلا: "إن التكبر الأمريكي في العصر النووي، ليس انحرافاً أخلاقياً فقط، بل هو يحمل بين جنبيه أيضا بذور الكارثة" (٢).

وفي كتابه الجديد (القيم الأمريكية تتعرض للخطر) يتناول الرئيس السابق


(١) أفق آخر خيري منصور - سانت بوش ـ الخليج - ١٠ـ٣ـ٢٠٠٣م ـ عدد ٨٦٩٥
(٢) بوش .. طغيان الحماس الديني على البصيرة السياسية/بقلم محمد بن المختار الشنقيطي - الجزيرة نت ٢١/ ٣/٢٠٠٤م

<<  <  ج: ص:  >  >>