الشعوب. فالإسلام يتميز عن غيره من الأديان بأنه دين المساواة الذي حرر الناس من الإقطاع الفارسي والطائفية الهندية والأرستقراطية الغربية، ورفض التفرقة على أساس الجنس أو اللون أو الثراء أو المكانة الاجتماعية.
[انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب]
بعد هذه الاندفاعه القوية التى استمرت اكثر من عشرة قرون، بدأ المد الإسلامي بالتوقف والانحسار فتوقفت الانتصارات، وبدأ الانحسار من أنحاء مختلفة من العالم. فخلال فترة أواخر القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر، شهدت الساحة التاريخية ثلاث إمبراطوريات إسلامية رئيسية: الإمبراطورية العثمانية في الأناضول وسورية وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، والإمبراطورية الصفوية في بلاد فارس، والحضارة المغولية في الهند. وقد اعتنقت معظم دول شرق آسيا (الملايو، أندونيسيا ... إلخ) الإسلام علي يد التجار المسلمين. وفي تلك الأثناء، كانت أوروبا بصدد تطوير حضارة جديدة أوجدت نظاماً قائماً علي رأس المال علي أنقاض النظام الزراعي. وحدث تطور صناعي وتجاري كبير في الغرب في حين ان المجتمعات الإسلامية لم تواكب هذه النهضة وبدأت في الانحدار.
ففي الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر بدأ انحسار المد الإسلامي، وتوقفت حركة الترجمة الكبرى وتوقف الإنتاج العلمي والمعرفي، وبدأ الأوروبيون يحرزون تقدما ملموساً في فنون الحضارة. وبقدوم ما يسمى (المعرفة الجديدة) بدؤوا يتقدمون بسرعة، وسبقوا التراث العلمي والتكنولوجي ثم الثقافي للعالم الإسلامي بأشواط طويلة. فقد كان السلطان العثماني في أوائل القرن السادس عشر الميلادي تشغله المنافسة الكبرى مع المماليك في مصر والشام وإيران الصفوية، واستطاع السلطان (سليم الأول) أن ينهي دولة المماليك ويفتح البلاد العربية كلها. ولكن الصراع العثماني-الصفوي استمر حتى القرن التاسع عشر، واستهلك هذا الصراع المسلمين وألهاهم عما يدور في أوروبا غير بعيد عنهم من تقدم وتطور. فعندما استطاع فاسكو دي غاما الوصول بحراً من البرتغال إلى رأس الرجاء الصالح في نهاية القرن الخامس عشر، فتح طريقاً بحرياً بين أوروبا وآسيا متجاوزا المجال الإستراتيجي