للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصعوبة والمشقة والاضطهاد تماثل بالمرارة المعاناة الفظيعة التي شهدتها الحياة اليهودية في العالم المسيحي. وهذا يتضمن ان معاداة السامية عند العرب ليست أمراً جديداً ولكنه مرض مزمن قديم، وليس من المحتمل أن يذهب أو يزول حتى لو قامت إسرائيل بتنازلات سياسية كبيرة من أجل سلام الأمة الفلسطينية الناشئة (١).

ولكن إذا انتهى يوما ما الصراع بين العرب واليهود بصورة تامة، عندئذ سيُصْبِحَ ممكناً رؤية الماضي مرة أخرى ليس، بالطبع، كتعايش طوباوي بين الدينين ولكن كزمن عاش فيه اليهود مغروسين في مجتمع إسلامي في تعايش خلاّق مشتركين في أمور كثيرة ومتحررين إلى درجة كبيرة من البغضاء ومعاداة السامية التي عانى منها إخوانهم في الأراضي المسيحية (٢).

[الحوار مع اليهود بين الرفض والقبول]

أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة تناولت موضوع "الموقف اليهودي والإسرائيلي من الحوار مع المسيحية والإسلام"، حيث وقفت عند ذلك الموقف عبر التاريخ، والمحددات التي حكمته، والخلفيات التي وجهته، بصورة تجمع بين استحضار الوثائق والشواهد، وتحليل الآراء والوقوف عند أبعادها، بأسلوب علمي رصين.

وتتبعت الدراسة موضوع الحوار في الديانة اليهودية بصورة عامة، فبينت مرتكزاته، وأسلوبه، ومعوقات قيامه، وكيف توجه اليهود إلى الانعزالية، والحذر من الاحتكاك والحوار مع الشعوب الأخرى، رغم ما فرضه عليهم منطق التاريخ من علاقات مع بعض المجتمعات عن طريق المصاهرة والاختلاط، وإن كانت علاقات ظلت دائما محل ريبة وحذر، وموضع تأثيم من قبل التيار العريض من معتنقي اليهودية، بل إن الجدل الذي دار حول ظاهرة الاختلاط، ولو عن طريق المصاهرة، نظرت إليه أسفار العهد القديم باعتباره مهددا لديانة بني إسرائيل التوحيدية، مما


(١) تعايش الأديان في الماضي: بقلم مارك كوهين، ترجمة كامل الزيادي-. نشر المقال باللغة الألمانية في صحيفة فرانكفورتر ألكمانية تسايتونغ بتاريخ ٢٥.١٠.٢٠٠٣ - - موقع قنطره http://www.qantara.de/webcom/show_softlink.php?wc_c=٣٣٩
(٢) تعايش الأديان في الماضي: بقلم مارك كوهين، ترجمة كامل الزيادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>