للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

من المستفيد ... ومن يقف وراء الحادث؟

من القواعد الثابتة في علم الجريمة، التفتيش عن دافع الجريمة ثم عن المستفيد منها، وقد شرحنا الدافع على لسان (كيسنجر) و (بريجنسكي) و (لاروش) وغيرهم. والآن لنتناول الجهة المستفيدة من هذه الجريمة، لنعرف من هو الفاعل وهي قاعدة قانونية قديمة. فإذا استثنينا العرب والمسلمين فإن المستفيد من هذه الجريمة هم تلك القوى اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة .. والكيان الصهيوني للأسباب التالية:

١ - منحت تداعيات الحادي عشر من سبتمبر، أمريكا فرصة مفتوحة على مصراعيها لتصفية جل الحركات الإسلامية في العالم بحجة (مقاومة الإرهاب) (١)، كما أن تل أبيب كانت قبل التفجيرات، تواجه موقفا عصيباً لم تواجهه من قبل، قلب جميع موازين الأمن عندها ودب الهلع في نفوس شعبها. وزادت الهجرة المعاكسة، وقلّت الهجرة إلى فلسطين المحتلة. ولم ينفع مجيء شارون للحكم ولا سياسة القتل والإرهاب التي اتبعها. واستنفدت تل أبيب كل حيلها وفشلت في ترويض الفلسطينيين وإنهاء الانتفاضة، وساءت سمعتها في الخارج، وبدأ تحول ملحوظ في الرأي العالمي ضد سياستها، لذا شعرت أن أمنها بل وكيانها أصبح على كف عفريت، لذا كان عليها القيام بعمل ما ... قررت وضع الولايات المتحدة أمام الانتفاضة وأمام منظمة حماس التي تقود الشارع الفلسطيني وتقود الانتفاضة والعمليات الاستشهادية (٢).

أي إن من أهم أهداف هذه اللعبة الكبرى هو جر الولايات


(١) مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) - د. عماد الدين خليل- ص٧٨
(٢) أثار أستاذ أمريكي بجامعة شيكاغو يعد من أبرز الخبراء الغربيين بشؤون الإرهاب، تخصص على وجه الدقة في تحليل المعلومات المتعلقة بالعمليات الانتحارية، جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة بعدما خلص في كتاب جديد- بعد تحليل المعلومات المتعلقة بكل العمليات الانتحارية التي وقعت في العالم منذ ١٩٨٠ حتى مطلع ٢٠٠٤ - إلى أن الأصولية الإسلامية ليست السبب الحقيقي ل "الإرهاب الانتحاري"، وأن المسلمين ليسوا الأكثر هجمات انتحارية بل هم نمور التأميل في سريلانكا. وأكد البروفيسور روبرت باب أن الانتحاريين والاستشهاديين لا تطلقهم دوافع دينية لشن هجماتهم، بل هدف استراتيجي واضح. وقال إن "الإرهاب" الانتحاري ينبع أساساً من الاحتلال الأجنبي وليس من التطرف الإسلامي، حيث إن "الاستخدام المكثف للقوات العسكرية لتغيير المجتمعات الإسلامية سيزيد على الأرجح الهجمات الانتحارية التي تستهدفنا" .. فما أن تنسحب القوات المحتلة من أوطان الإرهابيين فإن الهجمات تتوقف في الغالب". فلبنان شهد ٤١ عملية انتحارية خلال الفترة ١٩٨٢ - ١٩٨٦م. لكنها توقفت عملياً بعدما سحبت الولايات المتحدة وفرنسا قواتهما، وبعدما انسحبت "إسرائيل" إلى ما سمته الشريط الأمني العازل على الحدود مع فلسطين المحتلة. وأشار إلى أن دراسة المعلومات الخاصة بالهجمات الانتحارية في لبنان إبان ثمانينات القرن ال ٢٠ تنبؤ بأن ٨ فقط منها شنها متشددون إسلاميون، فيما شن ٢٨ منها شيوعيون واشتراكيون، وشن ثلاثاً منها مسيحيون. وأضاف أن الانتحاريين في العراق هم صنيعة الغزو الأمريكي. (الانتحاريين في العراق صنيعة الغزو - الخليج-٢٣ - ٧ - ٢٠٠٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>