وأصبحت وسيلة مهمة من وسائل الدعاية السياسية والأيديولوجية، وحتى في مجال التبشير الديني والترويج التجاري. وبالتأكيد فإن أمريكا في سعيها إلى إقناع العالم والشعوب الغربية بصحة توجهها نحو اتخاذ الإسلام كعدو بديل، ولتبرير حملتها الصليبية على العالم الإسلامي بدعوى محاربة الإرهاب والدفاع عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، تدرك أهمية أساليب غسل الدماغ ودورها في تغيير اتجاهات الرأي العام، وكسب التعاطف مع أهدافها الشيطانية. لهذا فان الإدارة الأمريكية استخدمت هذا الأسلوب بكل دقة وحرفية، وأية مقارنه بين ما تقوم به أمريكا على أرض الواقع وبين أساليب غسل الدماغ يؤكد هذه الحقيقة. وحتى لا نتوسع في هذا الموضوع، فإننا سنترك للقارئ التأكد من ذلك، حيث سيجد مئات الامثله التي تنطبق على هذا الأسلوب، وسنكتفي بعرض مثال واحد للتوضيح.
فخلال حرب الخليج، كانت الإدارة الأمريكية تروج للحرب وتلمعها في عيون مختلف قطاعات المجتمع الأمريكي وغيره علي حد سواء. ولتسويق هذه الحرب لأنصار البيئة، قامت شبكة CNN بعرض صور حية لطائر يموت بسبب بقعة نفطية، وقالت إنه طائر من طيور الخليج يموت بسبب النفط الذي سكبه العراقيون القساة في الخليج. لكن المشاهدين أخبروا الـ CNN بأن الطائر المسكين الذي شاهدوه كان من طيور ألاسكا Alaska، ولم يكن من طيور الصحراء العربية، وأنه قتل بسبب النفط الذي سربته شركة إيسو ESSO النفطية الأمريكية، وليس الرئيس العراقي (صدام حسين). وقد اعتذرت CNN عن هذا التضليل! وبعد هذه المحاولة، قال مراسل CNN في بغداد بيتر آرنت Peter Arnet، في تعارض صارخ مع ما قاله البنتاغون، إنه لم يكن هناك أي دليل علي الإطلاق علي أن مصنع حليب الأطفال، الذي أمطر بوابل من القنابل الأمريكية، يحتوي علي منشآت لتصنيع الأسلحة، فما كان من إدارة CNN إلاّ أن أغلقوا فم (بيتر آرنت) وأرسلوا مكانه (كريستيان أمانبور) التي حظيت بالمال والشهرة لتنفيذها أجندة الرأسمالية المعلوماتيّة (١).
هذا مثال بسيط ويمكن سرد آلاف الأمثلة لحملة التضليل والكذب الأمريكية .. ولكن ما خفي أعظم .. !!
(١) إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي-٢٩/ ٢/٢٠٠٣