للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب) في العهد القديم، هذا الإله الذي أمر شعبه المختار، بإبادة وذبح السكان القدامى في أرض كنعان واغتصاب أرضهم (١).

وبعد أربعة قرون من مواكبة (العناية الإلهية) لحركة التوسع الاستيطاني نحو الغرب، أعلن (فردرسيك تيرنر) أحد أبرز فلاسفة (الثغور) أن الجبهة القارية الداخلية انتهت ووضعت أوزارها، وبانتهائها ختمت أمريكا حقبتها التأسيسية اللازمة للتوسع وراء المحيط ولبناء إمبراطوريتها الكونية. وعندما نشر كتابه (مشكلة الغرب) أكد على أن التوسع، والحرب كانا أساس النماء الاقتصادي الأمريكي، ولابد لاستمرار هذا النماء من استمرار التوسع، وعدم إطفاء نار الحرب. ودعا (تيرنر) إلى شق قناة لهذا التوسع عبر المحيط والاستفتاح بضم الجزر والبلدان القريبة. إنها حتمية الولادة الأبدية للثغور التي تتقدم باستمرار، وحتمية الولادة الأبدية للحياة الأمريكية على هذه الثغور والجبهات التي ستصل الغرب بالشرق، لتكمل شمس الحضارة الانكلوسكسونية دورتها حول الأرض. "فقد نجا شعب الله الجديد من ظلم فرعون لندن، وخرج إلى كنعان الجديدة فقهر قديسوه مجاهلها. وظل الغرب يفر أمام زحوفهم ويتراجع إلى أن لم يبق أمامهم من غرب، والى أن صار عليهم أن يخترعوا لزحفهم غرباً ولو في أول الشرق" (٢).

[السير على هدى وصايا يهوه]

قرنت نصوص التوراة والعهد القديم باستمرار وبإلحاح لافت للنظر، بين الثراء والوفرة المادية لدى الفرد ولدى الجماعة، وبين (السير على هدى وصايا يهوه)، باعتبار الثراء والوفرة نعمة، ينعم بها يهوه على من يطع أوامره ويلتزم بنواهيه، وباعتبار الفقر والجوع والشقاء الدنيوي عقاباً، يعاقب به يهوه ممن يعصِ أوامره ولا يلتزم بنواهيه، وهذا ما يوضحه بجلاء بالغ هذا النص: "فإذا سمعتم لوصاياي أعطي مطركم في حينه المبكر والمتأخر. فتجمع حنطتك وخمرك وزيتك .. فتأكل وتشبع. فاحترزوا لئلا يحمى غضب يهوه عليكم ويغلق السماء فلا يكون مطر ولا تعطى


(١) أمريكيا طليعة الانحطاط - جارودى ص٤٩
(٢) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>