الحضارات الإنسانية محو هذه الصفحة من الوجود، ومهما كانت قوة (ممحاتهم) التكنولوجية المتطورة فعالة في تغيير المعالم الجغرافية إلا أنها ستعجز عن تغيير (التاريخ) , لأن حقائقه ووقائعه وآثاره ومكتشفاته الناطقة بالحق، ليست قابلة (للمحو) من التاريخ ذاته, ومن الحضارات نفسها .. وهي أكبر من أية قوة متغطرسة لا تستند لقوة الحق في ميزان المعادلات والمقاييس والقيم (١).
[وماذا بعد]
بعد أن احتلت أمريكا العراق, ودمرت بنيته التحتية والفوقية -المدمرة أصلاً ـ ودمرت, ونهبت تراثه وآثاره، فإنه من حقنا إعادة السؤال مرة تلو الأخرى، هل انتهت المشكلة التي افتعلتها أمريكيا مع العراق؟ وهل سيتخلص الشعب العراقي من الاحتلال الأمريكي الغاشم؟ وهل ستكف أمريكيا عن ملاحقة الدول العربية والإسلامية وفرض الحصار والعقوبات عليها؟! وهل سيتخلص الشعب الفلسطيني من إرهاب الدولة الصهيونية، وينعم بالسلام وبدولته المستقلة كباقي شعوب الأرض؟؟!. بالتأكيد لا, وسنرى جميعاً في الأيام القادمة مشكلة جديدة ستفتعلها أمريكا لتنفيذ ما تريد سواء مع إيران أو سوريا أو السودان .. الخ. فقائمة المطلوبين كبيره -ستون دولة - والقاسم المشترك في القائمة هو الإسلام والعروبة، والأهداف المعلنة التي رشحت من تصريحات المسئولين الأمريكيين مخيفة، وما خفي كان أعظم.
يقول الأستاذ (شفيق مقار) في كتابه (المسيحية والتوراة): "في ضوء تعلق المسيحيين الغربيين المؤمنين، وبخاصة في أميركا، بكل ما يمليه الإيمان عليهم من خطوات عملية، هل قام هؤلاء بكل ما هو مطلوب منهم، أم أنه ما زال عليهم أن يضطلعوا، تحقيقاً للحلم الصهيوني، بما هو أكثر مما اضطلعوا به حتى الآن؟ ".
ويجيب على ذلك بقوله: "ما لم نتخل عن الإيمان بحرفية كل كلمة في العهد القديم وسفر الرؤيا، يجب أن ندرك أنه ما زال على المؤمنين الثقاة, الذين جعلوا (الحلم الصهيوني) حقيقة واقعة أن يقوموا بالكثير مما دعاه قادة أميركا الزمنيون بـ
(١) خلفيات الحصار الأمريكي البريطاني للعراق - د. صالح زهر الدين - ص٢٢ ـ ٢٤ - المركز العربي للابحاث والثوثيق- ط١ ١٩٩٩