جميع المجالات. وعاشت الإمبراطورية الأميركية بعيدة عن أي تهديد مباشر لأرضها وسكانها، وراكمت من أسباب القدرة والثروة مدداً وفيراً، وبالتالي قدراً ضخماً من المناعة والثقة بالنفس يزيد أحياناً على الحد. وتملك هذه الإمبراطورية سطوة في السلاح لم تتوافر لغيرها من الإمبراطوريات مع وجود توافق حرج بين التكنولوجيا العسكرية والتكنولوجيا المدنية. واستطاعت الإمبراطورية الأميركية أن تعرض من جاذبية النموذج ما يمهد لتوسعها وانتشارها، بغواية في أساليب الحياة تعزز وسائط القوة. وتمكنت الإمبراطورية الأميركية من أسلوب جديد في السيطرة، يقوم على نظام شديد الجرأة والجسارة إلى درجة الاقتحام والاختراق لخصوصيات الدول والشعوب، والقدرة على خطف وعي الآخرين وارتهانه أسير إعلام مصور وملون، مكتوب وناطق يعطي لنفسه احتكار وضع جدول اهتمامات الرأي العام العالمي وسحب الآخرين وراءه وجرهم مهرولين. ولكن الحكمة الصوفية القائلة "عند التمام يبدأ النقصان" صادقة بالعرفان والبرهان (١).
[عشرات الأسلحة لمواجهة أمريكا]
إن العالم الإسلامي والعربي بالرغم من ضعفه في الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية، فإنه يظل يمثل أمة لها فكر وعقيدة وثقافة متميزة ترفض الولاء لغير الله، وذلك ما ترفضه أميركا التي تريد أن تطبع العالم بنموذجها في الحياة، واعتماد العولمة واقتصاد السوق والديمقراطية الغربية. وهذا ما أدى بها إلى اتخاذ موقف معاد للمسلمين بسبب تمسكهم بعقيدتهم التي لم يتمكن الغرب من زحزحتهم عنها رغم قوته وضعفهم. ومن هنا احتدم الصراع بين هاتين الحضارتين الغربية والإسلامية على جبهات عدة، منها الجبهة السياسية ويتم ذلك عبر مختلف هيئات الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن، والجبهة الاقتصادية حيث تعمل الولايات المتحدة على استغلال اقتصاديات الدول الإسلامية والهيمنة على خيراتها، والجبهة الثقافية إذ يتم من خلالها فرض القيم الغربية والعولمة الفكرية وإشاعة حرية
(١) الإمبراطورية الأميركية والإغارة على العراق- محمد حسنين هيكل- عرض/ إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت- ١٢/ ٢/٢٠٠٤م