٢ - خطورة الدخول في عداء مطلق مع الإمبراطورية الأميركية, لأن هذه الدرجة من العداء تصل بحركة الأشياء إلى الصدام العنيف، وذلك تحد لا تستطيع الأمة احتماله، فهو في اللحظة هذه وللزمن المرئي يفوق طاقتها أو يتعدى مواردها.
٣ - منزلق الاندفاع إلى النهاية في مثل هذا العداء بدون حد، لأن ذلك يصل بأصحابه إلى حالة من الكراهية العاجزة تضرهم بأكثر مما تصيب غيرهم، وتلك وصفة فشل أكثر منها نجاح بشري.
٤ - استحالة الصبر إذا توهم العرب أن بإمكانهم تجاهل الإمبراطورية الأميركية وتركها لعوامل الزمن تعريها وتكسر شوكتها، كما حدث لإمبراطوريات سبقتها، لأن وزن الحقائق لا يسمح بمثل هذا التجاهل، فالواقع الراهن له أحكامه، وانتظار الظنون فرض يصعب اعتماده للتصرف الآني مع وجود الإمبراطورية الأميركية بسطوتها وبأسها في قلب العالم العربي بطلبه مرة أو بطلبها مرات.
وبالرغم من هذه البيئه الشائكة التى تحيط بالعلاقات العربيبة الأمريكية الا ان الاستاذ هيكل يرى أن السياسة الأميركية برغم أنها تبدو أمام العرب عاصفة من العنف الأحمق والجامح، فإن ذلك ينبغي ألا يخيف ويغري بالفرار، لأن واحدا من أهم دروس التاريخ أن الإمبراطوريات العاتية تكابر حتى تصل إلى الذرى العالية، ثم تكتشف عند الوصول هناك أن البقاء فادح التكاليف، وعندها تظهر حتمية النزول، لكن الإمبراطوريات تعاند وساعتها يبلغ العنف مداه، وذلك ما حدث لكل الإمبراطوريات سابقاً، من الإمبراطورية الرومانية في العالم القديم، إلى الإمبراطوريتين الكبريين في التاريخ الإسلامي (الأموية والعباسية) في العصر الوسيط، إلى الإمبراطوريات الأوروبية في العصرين القريب والحديث. فتلك الإمبراطوريات جميعاً بلغت الذرى زمن الصعود، وكلها بعد ذلك وبسب أعباء وتكاليف الإمبراطورية اضطرت إلى النزول على السفوح، وكلها في حالة الصعود استعانت بالقوة، وكلها في اتقاء النزول قاومت بالعنف.
وذلك ما يحدث للإمبراطورية الأميركية, وإن كان في حالتها يستدعي قدراً أكثر من الحرص والتدقيق، لأن هذه الإمبراطورية فصيلة تختلف عما سبقها، فهي تملك من عوامل القوة الاقتصادية والمالية ما يتفوق على سابقاتها طوال التاريخ، وهذه الإمبراطورية توظف لخدمة أهدافها أقوى وأكبر منجزات التقدم الإنساني في