للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمريكيين، وإن المعاناة من الفقر مستمرة منذ أن وجدت أمريكا. فمع أن الدخل القومي بلغ سبعة آلاف وخمسمائة وثمانين مليار دولار ٧٥٨٠ مليار دولار في عام ١٩٩٦م، إلا أن هناك ملايين الفقراء من الأمريكيين، الذين لا يتوقع أحد زوال الفقر عنهم في وقت قريب. ففي الفترة ما بين عامي ١٩٧٠م و ١٩٨٨م إزداد عدد الفقراء في الولايات المتحدة بنسبة ٢٦% حيث وصل عددهم في عام ١٩٩٦م ٥، ٣٦ مليون نسمة، وأن خمسي هذا العدد أي ما يصل إلي ٤، ١٤ مليون نسمة يعانون من شدة الفقر حيث بلغ دخلهم أقل من نصف معدل الفقر. وهذا يعنى أن عهود العبودية السوداء لم تنته بعد في الولايات المتحدة، وإنما أصبحت تأخذ أشكالاً جديدة مع احتفاظها بالمعايير نفسها، وتقول الدراسات التي قام بها مركز (ابوليش) المناهض للرق أن هناك آلاف العبيد الذين يعيشون حالياً في (أرض الحرية)، ولكن بالطبع دون أن تجري مزادات لبيع الرقيق علي الملأ، فالعبودية المعاصرة في أمريكا أصبحت تتم في الخفاء وتعتمد أساليب الخداع والتهديد، ولكن ممارستها لا تقل قسوة عن ممارسات (مؤسسات الرق) التي انتشرت لعقود مضت (١).

[التبرير الديني للنهب والسلب والإبادة]

في كتابه عن نظريات الاستعمار الإنكليزية يعتقد (كلاوس كنور): "إن الإنكليز أكثر القوى الاستعمارية الأوروبية ممارسة وتعمداً للإبادة وان هدفهم النهائي في العالم الجديد كما في استراليا ونيوزيلانده وكثير من المناطق التي يحتاجونها هو إفراغ الأرض من أهلها، وتملكها، ووضع اليد على ثرواتها. فخلال هذه المسيرة التي بدأت بايرلندا ولن تنته بعد، تحكمت عقدة الاختيار الإلهي والتفوق العرقي بسلوكهم وبنادقهم، واستحوذت على أخلاقهم وعقولهم .. وهذا ما أوهمهم بأنهم يملكون حق تقرير الحياة والموت لكل من عداهم، وأنهم أيضا في حل من أي التزام إنساني قانوني تجاه الشعوب، التي يستعمرونها لا باعتبار أنها أعراق منحطة وحسب، بل لأنها في الغالب مخلوقات متوحشة لا تنتمي للنوع الإنساني. ولم ينج من هذا


(١) أمريكا .. تاريخ من العنصرية والمآسي الإنسانية ـ إعداد وسام الاسدي جريدة الخليج ٢٧ـ٢ـ٢٠٠٣م عدد ٨٦٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>