عندما بدأت العمل قبل خمس سنوات في تأليف ما سيصبح مجلدا مصاحبا لكتابي (تاريخ الشعب) ويحمل عنوان (أصوات تاريخ شعبي للولايات المتحدة)، كنت أريد لأصوات الكفاح الغائبة على الأغلب في كتب تاريخنا، إن تأخذ المكان الذي تستحق. كنت أريد لتاريخ العمال الذي ظل ميدان القتال عقداً بعد آخر وقرناً بعد آخر للكفاح المستمر في سبيل الكرامة الانسانيه، إن يتصدر المقدمة كما كنت أريد لقرائي إن يخبروا كيف كان بعض أشجع الأعمال السياسية وأكثرها فاعلية معبراً عن الصوت الإنساني ذاته في اللحظات الحاسمة في تاريخنا، عندما أعلن (جون راون) - نصير إلغاء الرق الذي اعدم شنقا، وكان قد عاش بين ١٨٠٠ و ١٨٥٨ - أثناء محاكمته إن تمرده ليس خاطئا بل هو صحيح، وعندما أدلى (فاني لوهامر) - مزارع أمريكي وناشط في مجال حقوق الإنسان ١٩١٧ - ٧٦ م- بشهادته سنة ١٩٦٤ عن المخاطر التي تعرض لها السود الذين حاولوا التسجيل للاقتراع في الانتخابات، وعندما تحدى (اليكس مولنار) - أستاذ جامعي أمريكي- الرئيس الأمريكي نيابة عن ابنه وعنا جميعاً .. ، عندما فعل هؤلاء ذلك، أثرت كلماتهم في كثير من الناس وكانت مصدر الهام لهم ولم تكن تلك مجرد كلمات بل كانت أفعالا (١).
[أصوات أمريكا الغائبة]
ويتابع (هوارد زن) كتابه فيقول: "يشير قراء كتابي (تاريخ شعبي للولايات المتحدة) دائماً إلى غناه بالمادة المقتبسه - أقوال العبيد الآبقين، والأمريكيين الأصليين، والمزارعين وعمال المصانع والمعارضين والمنشقين من جميع الأصناف. وعلي إن اعترف كارهاً بأن ما يذهل قرائي هؤلاء هو كلمات الناس الذين استشهد بهم اكثر مما يدهشهم تعليقي المصاحب على تاريخ الأمة، ولا أستطيع القول أنني ألومهم على ذلك، فكل مؤرخ سيواجه صعوبة في مضاهاة بلاغة زعيم الأمريكيين الأصليين (بوهاتان) الذي كان يقول للمستوطنين البيض راجيا سنة ١٦٠٧: "لماذا تأخذون بالقوة ما قد تنالونه بهدوء بالرفق والمحبة؟ ".
(١) الأصوات المغيبة والمصلحة القومية الكاذبة- بقلم هوارد زن - جريدة الخليج عدد ٩٣٢٦ تاريخ ٣٠ - ١١ - ٢٠٠٤