للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جون ونثروب) ذهب الحجاج والطهريون (البيوريتانيون) بحثاً عن الفردوس. هذان الدافعان ظلا يحركان عملية التوسع الأمريكية منذ ذلك التاريخ (١).

أما كيف تم ذلك، فهذا ما وضحه (ميشال بوغنون) في كتابه (أميركا التوتاليتارية)، عندما تمسك بالتعريف البسيط للتوتاليتارية، والتي يرى أنها تتمثل في "قوة احتوائية بمعنى أنها تنوي امتلاك مجمل مكونات الكيان الذي تعيش فيه". ولما كانت أميركا مدفوعة بهاجس السيطرة على العالم وأمركته. فإن (بوغنون) ينبش لإثبات هذه الرؤية في التاريخ والضمير الأمريكي، ويرصد بنظرة عابرة، ولكن ثاقبة لحظات تكونهما التي أخرجت ما يعرف بالأمة الأمريكية إلى الوجود، الأمة المختارة باختيار القدر فحسب (٢).

[أرض الميعاد والدولة الصليبية]

في كتابه (أرض الميعاد والدولة الصليبية) يتناول (والتر ماكدوجال) معضلة السياسة الخارجية الأمريكية بين المثالية والنفعية التجريبية، حيث يستعرض دور الولايات المتحدة في السياسة العالمية خلال القرنين الماضيين. وكما هو واضح من عنوان الكتاب (أرض الميعاد والدولة الصليبية) يلجأ المؤلف إلى الاستعارة الدينية، فتعبير أرض الميعاد مستعار من العهد القديم (اليهودي)، وتعبير الدولة الصليبية قصد به الإشارة إلى العهد الجديد، والى الصليب، كرمز للتبشير وللتضحية من اجل خلاص البشرية، ومن ثم فان أمريكا ارض الميعاد تعكس فكرة المهاجرين الأوائل، وكذلك الأمريكيين حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي عن أمريكا، إما فكرة الدولة الصليبية فتعكس تصور الأمريكيين عن أنفسهم، وسلوك أمريكا في الشؤون العالمية خلال القرن العشرين، من منطلق أن أمريكا لها رسالة لخلاص البشرية .. رسالة لنشر الحرية والتقدم. وبمعنى آخر فان أمريكا القرن التاسع عشر الميلادي وظفت سياستها الخارجية من اجل الحرية في أرض الميعاد، أما أمريكا ـ القرن


(١) الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر -ص٤٣
(٢) أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل - المصدر: الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>