للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان متعذراً في هذه الحالة تسديد الدين الأساسي فإن الدولة ستستمر في دفع فوائد الديون إلي الأبد (١).

[ريجان والأمة المباركة]

تبين دراسة لحالات التدخل الأمريكية الكثيرة التي عرضنا لكثير منها، بوضوح أن الإخلاص لأي نوع من الأخلاق ليس هو وقود محرك للسياسة الخارجية الأمريكية، وإنما الوقود هو ضرورة خدمة سادة آخرين (٢). فبالرغم مما أحدثته الحروب وعمليات النهب من إفقار للدول النامية، واغتناء لبارونات أمريكا، إلا أن الرئيس المؤمن (رونالد ريجان) أعلن أن ثراء ورخاء الولايات المتحدة يرجع إلى كونها (أمة مباركة من الله). ففي عهد (ريجان) وصلت نقطة الامتزاج الروحي بين إيديولوجيا اليمين المتطرف الذي يمثل مصالح كبريات شركات السلاح والنفط في أمريكا وبين المرجعيات الدينية المسيحية البروتستانية المتهودة، إلى ذروتها، حيث أفسح هذا الحلف المقدس المجال إلى تنامي الشعور بالفوقية، وتبلور فكرة ونزعة السيطرة على العالم، باعتبار أن الأمة الأمريكية هي الأمة الأنقى والأميز والأرقى قيماً وحضارة، والأجدر بقيادة العالم على الطريقة الأمريكية الرائدة في إشاعة الخير ومحاربة الشر.

وحيث أن الرئيس الأسبق ريجان وضع معركة (تل مجدو) نصب عينيه فقد وجد من واجبه الديني العمل على زيادة الجبروت العسكري الأمريكي استعدادا للمعركة الرهيبة، وليس من شك في أن عقيدة ريجان بقرب انتهاء التاريخ في تل مجدو كان لها الأثر الأكبر في توجيه سياسته الاقتصادية، وسياسة التسلح العسكري الأمريكي، وقد انبثقت سياسة (ريجان) الاقتصادية المبنية على الإنفاق التضخمي من اعتقاده بعدم وجود مبرر للقلق من تفاقم الدين العام ما دامت (الخطة الإلهية) اقتضت نهاية التاريخ العاجل، ثم أن الإنفاق تركز على التسلح باعتباره الوسيلة المثلى لضمان المستقبل. ولهذا فإن أمريكا ومنذ تولي الرئيس ريجان للسلطة عام ١٩٨٠م وهي ترسل المساعدات والمستشارين عملاء (السي اى ايه) إلى مختلف بلاد العالم. وفي


(١) إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي ـ ٢٩/ ٢/٢٠٠٣م
(٢) الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيد ـ ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>