يتساءل البعض عن الذي حدث للولايات المتحدة، التي أصدرت الإنذار الشهير في عهد الرئيس الأميركي الأسبق (دوايت أيزنهاور) لأطراف العدوان الثلاثي على مصر سنة ١٩٥٦م بالتوقف عن عدوانهم, حتى تصل إلى عهد الرئيس الحالي (جورج بوش)، الذي يكتب خطابات موجهة للشرق الأوسط، يغتبط بها اليمين الإسرائيلي، لأنها صيغت كما يشاء ويهوى؟. كيف حدث التردي الأميركي في الموقف الشرق أوسطي، ليصل إلى مرحلة يقول فيها بوش الابن عن رئيس الوزراء الإسرائيلي (أرييل شارون)"إنني أتعلم من هذا الرجل كلما جاء وزارنا في واشنطن", وذلك أثناء الترحيب بشارون خلال زيارته السادسة إلى البيت الأبيض في يونيو/ حزيران ٢٠٠٢م؟. ما الخطأ الذي وقع، بين لحظة أيزنهاور تلك, ولحظة بوش المتتلمذ على يد شارون سنة ٢٠٠٢م؟ ما الذي حدث حتى تدهورت السياسة الأميركية في المنطقة .. إلى حالة (الأسرلة) التامة؟. فالولايات المتحدة التي وافقت بل وصممت قراري مجلس الأمن ٢٤٢ و ٣٣٨، واللذين يتعاملان مع الضفة الغربية وقطاع غزة كأراض محتلة, هي نفسها التي ـ حسب وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد ـ ترى أن احتلال تلك الأراضي هو غنيمة حرب عادية, ومن المفهوم أن يحتفظ المنتصر بالجائزة بعد الحرب.
الولايات المتحدة التي رفضت اعتبار القدس عاصمة إسرائيل باعتبارها أرضا محتلة أيضاً، وهي موضع صراع عاصف بين الطرفين, هي نفسها التي تشتري أرضاً (مسروقة أصلاً من الفلسطينيين)، لتقيم عليها سفارتها, تبعاً لقرارات الكونغرس في منتصف التسعينيات بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. الولايات المتحدة التي كانت تنتقد المستوطنات باعتبارها عقبة أمام السلام, أصبحت تتراخى في نظرتها تلك, وتتراجع في نقدها، وتقول: إن سياستها هي قبول ما يتفق عليه الطرفان. وهي تعلم أنه ليس ثمة توازن قوة عند الطرفين، وتعلم أنه بتخليها عن الضغط والنقد، فإنما هي تقر للقوة الطاغية فرض ما تريد. الولايات المتحدة التي علقت