للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعاقبين على ارضهم .. نعم لقد أصبحت أرض الكنعانيين، أرض تلاقي الحضارتين الزاهرتين، حضارة ما بين النهرين ومصر، الارض التي سبق لها ان شهدت ولادة ثقافة وعقيدة جديدتين تشهد بغناهما توراة أوغاريت الكنعانية، هذه الارض التى تقبلت العقيدة الابراهيمية بخضوعها المطلق لله، والتى رنت في جنباتها أصداء الرسالات العظيمة للأنبياء .. إن هذه الارض تبدو في هذه المرحلة وكأنها تخرج من التاريخ فلم يظهر فيها الا أسماء ملوك تابعين لفارس وللسلوقيين اليونان ثم الررومان، ولم تعرف الا اسماء قادة اجانب سفاحين من قطاع الطرق الفاسدين يدعمون من الامراء التافهين من يفوق غيره بالعطاء (١).

[عيسى المسيح عليه السلام]

كان اليهود الذين رجعوا من الأسر البابلي قد تجمعوا في القدس، حيث تمتعوا خلال حكم الفرس ببعض الامتيازات. وما إن حل الحكم الإغريقي حتى أصبح وضعهم يتأرجح بين المد والجزر، ولاقوا أسوء الحالات في عهد الملك السلوقي أبيفان، الذي دمر الهيكل ونهب خزائنه واجبر اليهود على نبذ اليهودية واعتناق الوثنية. وبعد استيلاء الرومان على فلسطين، لم يكن حال اليهود فيها بأحسن من حالهم في عهد الإغريق، هذا بالرغم من إعادة بناء الهيكل، حيث شهدت فلسطين في عهد هيرودوس إضراب الأحوال بسبب سوء تصرف الموظفين الرومانيين. واهم ما تخلل هذه الفترة من أحداث هو ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وبدأ دعوته، تم محاكمته وصلبه.

"فمن المتواثر أن السيد المسيح ولد في أعقاب ثورة جائحة، اشتعلت في أقاليم فلسطين على الخصوص، أهدرت فيها دماء الألوف من الغلاة اليهود وأتباعهم لأنهم هبوا في وجه الدولة الرمانية بسبب تفشى الظلم والفساد" (٢)، حيث أخذت الأحوال تسوء بين السلطة الرومانية واليهود، حتى وصلت إلى ذروتها في سنة ٧٠م، عندما قام (فسبسيان) ابن الإمبراطور الروماني، بقمع تمرد اليهود ودخل القدس ودمر


(١) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - ص١٠٢ - ١٠٣
(٢) حياة السيد المسيح - خير الله طلفاح ـ ص ٤٥ - دار الحرية للطباعة/ بغذاد

<<  <  ج: ص:  >  >>