(٢) هناك امثلة كثيره في تاريخنا الإسلامي استغل فيها المستعمرين الحالة النفسية المهزومه للامه الإسلامية للدفع ببعض عملائهم أو بعض السذج لتصدر ساحة الدعوة أو القيادة ليكون اداه لتحقيق اهدافهم الخبيثة كما حصل في الهند .. فقد كان القضاء على مقاومة المسلمين للوجود البريطاني في الهند عن طريق محاربة الدين الإسلامي ومفهوم الجهاد، من أهم الأهداف التي سعى الاستعمار البريطاني إلى تحقيقها، حيث اتبع الاستعمار عدة أساليب لتحقيق ذلك، ولكن هذه الأساليب لم تأتي بثمارها المرجوة، مما دفع الانجليز إلى البحث عن وسيلة جديدة لتحقيق أهدافهم، فقاموا بالإستعانة بالمستشرقين المتخصصين في الدراسات الإسلامية وطلبوا منهم وضع تقرير عن الوسائل الكفيلة بإلغاء مفهوم الجهاد الذي يدفع المسلمين إلى المقاومة الدائمة. وفعلاً قامت لجنة من المستشرقين والمحررين الإنجليز، بزيارة الهند في عام ١٩٦٩، حيث درسوا أحوال المسلمين هناك وسجلوا ملاحظاتهم وتوصياتهم في تقرير قدموه إلى الدوائر الإستعمارية في لندن في عام ١٨٧٠، وقد خرج أعضاء اللجنة بقناعة مفادها: أنه لايؤثر في المسلمين وفي توجهاتهم مثل قيام رجل منهم بإسم منصب ديني رفيع يجمع حوله المسلمين ويخدم سياسة الانجليز، لهذا أكدت اللجنة في تقريرها على ضرورة الدفع بأحد المسلمين ليدعي أنه المسيح الموعود أو أنه نبي، ليصدر أوامره بإلغاء الجهاد وليدعوا المسلمين إلى طاعة الانجليز. وفعلاً بدأ الانجليز بالبحث عن شخص يقوم بهذا الدور واستعانوا بالمبشرين لكي يساعدوهم في ذلك، فوجدوا في غلام أحمد الذي تربى في أحضان المبشرين وعمل في خدمتهم، والذي كان مضطرب الأفكار والعقيدة وكان طموحاً إلى تأسيس ديانة جديدة، هذا بالإضافة إلى انتماؤه إلى أسرة معروفة بعمالتها للإنجليز- وجدوا فيه أفضل شخص يمكن أن يقوم بهذا الدور. فأوعزوا لغلام أحمد لكي يدعي أنه المسيح الموعود الذي ينتظره المسلمون ليحقق لهم أهدافهم مستغلين في ذلك الشهرة الكبيرة التي نالها غلام أحمد من خلال مناظراته مع القساوسة والمبشرين في الهند. كما أنهم استغلوا الحالة النفسية للمسلمين والتي كانت مهيئة لتقبل هذه الفكرة في ذلك الوقت، حيث اجتاحت العالم الإسلامي في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حالة من اليأس في النصر على المستعمر الأوروبي، إذ بلغت سيطرته على البلاد الإسلامية ذروتها في ذلك التاريخ. فتوجه المسلمون إلى مصدر القوة التي لاتقهر. إلى الله سبحانه وتعالى، ولما كانت رسالة محمد (ص) هي خاتمة الرسالات السماوية فلن يبعث الله رسول برسالة أخرى. لهذا ترقبوا قرب نزول المسيح ليحكم بالقرآن ويكسر الصليب ويقتل الخنزير. فاستغل الانجليز هذا الوضع النفسي للمسلمين فدفعوا بعميل لهم هو الميزرا غلام أحمد إلى ساحة الدعوة الدينية ليحد من تيار الدعوة إلى الجهاد ضد المستعمر - لأنه فسره على نحو يبطل فرضيته - فادعى أنه المسيح الذي أخبر بنزوله وينتظره المسلمون ليخصلهم من الاستبداد وليمكن لدين الله في الأرض. (راجع كتابنا: "احمد ديدات بين القاديانية والإسلام - يوسف الطويل- مكتبة مدبولى - الطبعة الأولى - ٢٠٠٢).