لم يكن خافياً على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية، حكومة وشعباً انتابتها حالة سعار وهوس غير مسبوقة لحشد التأييد الدولي لحربها ضد العراق والتي بدأت منذ ١٩٩٠م وحتى الآن، بالرغم من عدم وجود المبررات الكافية لهذه الحرب التي أجمع المراقبون على أن تداعياتها ستؤدى إلى عواقب وخيمة ليس على العراق وحدة ولكن على المنطقة والعالم ككل. والغريب في الأمر أن حالة السعار هذه لم تكن مقتصرة على الإدارة الأمريكية وحدها بل إن الشعب الأمريكي أبدى نفس الشعور من خلال استطلاعات الرأي التي أشارت إلى التأييد التام لغالبية الشعب الأمريكي لهذه الحرب، بالرغم مما عرف عن هذا الشعب من عدم اهتمامه بالسياسة الخارجية. ولو كان هناك مبرر منطقي معقول لهذه الحرب، لكان الأمر مقبولاً، أما أن تحشد هذه الأساطيل والجيوش، ويتم التهديد باستخدام الأسلحة النووية، مره بدعوى تحرير الكويت وأخرى بسبب خلافات بسيطة على عمل لجان التفتيش ونطاق عملها، فإن ذلك أمر لا يمكن إيجاد مبرر منطقي له مهما حاولت أمريكا من خلال آلتها الدعائية غسل دماغ العالم لكسب التأييد لهذه الأعمال الهمجية، رافضه كل الحلول السلمية والمبادرات الدولية على كثرتها، من خلال الادعاء بحرصها على تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
فالأمر أصبح بالنسبة لأمريكا، وكأن ضرب العراق، وإشعال الحرب في المنطقة أمرا حتمياً لابد منه، وغاية لابد من إيجاد المبررات لتسويغها مهما كان الثمن، حتى لو التزم العراق حرفياً بكل قرارات الأمم المتحدة، بحيث أصبحنا وكأننا أمام قدر مكتوب، أو وصية مقدسة لابد من تنفيذها بحذافيرها مهما كلف الأمر، بالرغم من معارضة كافة دول العالم لمثل هذا العمل الأخرق، باستثناء الدول الانجلوسكسونية البروتستانتية، مثل بريطانيا، وكندا، واستراليا، ونيوزيلندا، التي شكلت فيما بينها حلفاً دينياً انجلوسكسونياً من طراز جديد يتسم بالعنصرية والبربرية والهمجية، محاولاً تنصيب نفسه لقيادة العالم اعتقاداً منه بأنه ينفذ إرادة الله على الأرض، وان