للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرسان بلغ ما بين ١٥ و ٢٠ ألفاً اتجهوا إلى القسطنطينية ومنها إلى الأراضي المقدَّسة. ولكن جيشاً تركياً تصدى لهم في آسيا الصغرى وسحقهم عام ١٠٩٦ وقتل أعداداً كبيرة منهم وأسر أعداداً أخرى بيعت رقيقاً. وقد جُرِّدت بعد ذلك حملة الأمراء التي استفادت من حملة الفلاحين حيث تَوهَّم الأتراك، بناءً على تجربتهم مع جيش الفلاحين، أن قدرات أوربا القتالية متدنية. وقد نجحت الحملة الأولى في تأسيس أربع ممالك للفرنجة على النمط الإقطاعي الغربي (١).

[الحملة الصليبية الثانية]

حشد برنار رئيس دير الرهبان في كليرفو منطلقاً من فرنسا لحملة صليبية ثانية عام ١١٤٦ بعد ٥٠ سنة من الحملة الأولى، بهدف إعادة الرها إلى الحظيرة الصليبية بعدما استولى عليها عماد الدين زنكي. والواقع أن الحشود الصليبية القادمة من الشرق لم تتوقف منذ بدأت عام ١٠٩٩، ولكن هذه الحملة المشار إليها بالثانية لدى المؤرخين ينظر إليها باعتبارها واحدة من الحملات الثماني الكبرى التي كان ينفر لحشدها البابوات والأساقفة والقادة والنبلاء. ولكن حدثت تفاعلات سياسية وخصومات ومنافسات جعلت الإعلان عن حرب صليبية جديدة مخرجاً من الأزمة ووسيلة للتخلص من المنافسين، كما في التنافس بين برنار راعي الحملة الصليبية وبين منافسه الفيلسوف ورجل الدين بيير إبيلار. ووجد ملك فرنسا الشاب لويس في الحملة مخرجا لأزمته الشخصية والنفسية بعد المذبحة الهائلة التي نفذها بحق أبناء مدينة فييتري التابعة لمملكتها (٢). وتحركت الحملة من ألمانيا وهي تواصل أعمال النهب والسلب وذبح اليهود والمسلمين في كل النواحي التي تمر بها، وفي جبال طوروس أجهز الأتراك السلاجقة على تسعة أعشار الحملة.

وأما الجانب الفرنسي من الحملة بقيادة لويس فهي وإن كانت أكثر انضباطاً فإنها اضطهدت جميع السكان الذين مرت بهم بمن فيهم المسيحيون الأوروبيون.


(١) الحرب المقدسة .. الحملات الصليبية وأثرها على العالم اليوم- كارين أرمسترونغ-عرض/ إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت
(٢) تاريخ الحروب الصليبية ١٠٩٥ - ١٢٩١ - د. محمود سعيد عمران- ص ٧٣ - دار النهضة العربية للطباعة والنشر /بيروت- ط٢ ١٩٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>