للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهر الخابور، لكن يهوه قرأ طبعاً ما دار في خلد صور .. وقرر انه سينتقم من صور انتقاماً رهيباً لشماتتها في أورشليم.

والذي حدث هو أن صور لكونها مدينه ساحليه حصينة ظلت بمنجاة عن الاجتياح والاستسلام لغزوات البابليين والآشوريين .. ولهذا كانت صور مصدر حسد لازدهار تجارتها وثرائها. ولهذا قرر حزيقيال أن يهوه سيخرب صور، ويمرغ أنفها في الرغام: لأنه هكذا قال الرب يهوه: "حين أصيرك يا صور مدينة خربة كالمدن غير المسكونة .. وأجلسك في أسافل الأرض أو الخرب الأبدية مع الهابطين في الجب لتكوني غير مسكونة .. أصيرك أهوالاً ولا تكونين، وتطلبين فلا توجدين بعد إلى الأبد يقول الرب يهوه" (حزقيال٢٦:١٩ـ٢١). فقد تفجرت كل ضروب الحسد والإحباط والغيظ في دماغ حزقيال وتدفقت كالحمم البركانية لتصب صنوف النقمة وضروب المقت لكل من كانت له يد في رخاء الجار المحسود صور. فالمسألة ضلت باستمرار، مسألة أحقاد واشتهاء، وكراهيات وجشع، صيغت كلها صياغات إلهية، وأضيفت عليها قداسة ظلت نابية لما أغرقت فيه من دنيويات وشراهات إنسانية. ولكن تلك الإلهيات تكتسب، بمرور الزمن، قداسة كثيفة .. وعندما تصل إلى الأجيال اللاحقة، عبر موصل إنسان آخر من موصلات القداسة، تصبح ذات فعل مدمر بحق" (١).

[غزو لبنان مستمد من التوراة]

إن ضراوة التنبؤات التي صبتها التوراة على صور، يأخذها الأصوليين المسيحيون علي محمل الجد، ويفعلون كل ما بوسعهم لإخراجها إلي أرض الواقع. ففي عام ١٩٨٣م نظم المبشر (جيرى فالويل) رحلة إلى فلسطين، لإطلاع المسيحيين على الأماكن المقدسة هناك، وخصوصاً الأماكن اليهودية التي تتعلق بالعقائد التوراتية، وهناك نظم لقاءات مع قادة سياسيين ودينيين في إسرائيل، ونظم لهم لقاء مع (موشى أرينز) وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، (وهو كان في السابق سفيراً لإسرائيل في أمريكيا، وولد في أمريكيا)، وحدثهم (أرينز) في ذلك اللقاء فقال: "إن غزو لبنان ١٩٨٢ كانت بإرادة إلهية، فهي حرب مقدسة، مستمدة من العهد القديم، وهذا يؤكد


(١) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص٢٩٨ ـ ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>