الأثر على الصراع العربي الإسرائيلي، وبالذات في ظل النظام العالمي الجديد بكل سلبياته على المنطقة العربية.
فالنظام العالمي الجديد الذي استبشر به كثير من العرب، وظنوا أنه سيعيد لهم حقوقهم المسلوبة، وسينشر الأمن والسلام، في المنطقة لم يمهلهم طويلاً، حيث بدأت ملامحه تطفو على السطح، وتصيبهم بنفس المرارة وخيبة الأمل التي أصابتهم مراراً في العصر الحديث، من خلال تجاربهم الطويلة والفاشلة مع كلِّ من الحكومتين البريطانية والأمريكية. وسيعلم العرب أن النظام العالمي الجديد لن يهدأ له بال إلا بعد أن يتوج جهوده الكبيرة في خدمة إسرائيل، بجعل الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، أمراً واقعاً ومقبولاً دولياً وعربياً وإسلامياً، لتكون عاصمة للنظام العالمي الجديد، حيث سيحكم المسيح ويبدأ عصر الألف عام السعيد، كما يقولون؟!
[بل كلينتون]
إن تحرر السياسية الأمريكية من ضغوط نظام القطبين، والتي كانت تدفعها إلى اللجوء إلى أساليب مختلفة، لتبرير سياستها المنحازة لإسرائيل، كما أسلفنا، هذا التحرر ربما يفسر لنا عدم حاجة الرئيس الأمريكي (بل كلينتون)، إلى إخفاء مشاعره الدينية تجاه إسرائيل، حيث أعلن خلال حملته الانتخابية عن عزمه، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس (١). وبالطبع لا يمكن فهم هذا الإعلان من قبل (كلينتون) على أنه جاء لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، أو بسبب ضغوط اللوبي الصهيوني وغيرها من الأمور.
فأمريكيا ليس لديها أي مصلحة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، من وراء اعترافها بالقدس كعاصمة لإسرائيل، بل العكس هو الصحيح. فهذا الإجراء لو حدث، فإنه سيؤدى إلى ردود فعل عنيفة، واستياء عام في الدول العربية والإسلامية، وحتى الدول المسيحية، غير البروتستانتية وعلى رأسها الفاتيكان. فهذه الدول جميعاً لها وجهات نظر مختلفة تجاه الوضع النهائي لمدينة القدس، تختلف كثيراً عن وجهة
(١) جريدة القدس الفلسطينية ـ العدد: ٨٣٤٢ ـ الخميس ٢٤ـ١٢ـ١٩٩٢م.