للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الدولة معنى جديد في ظل المذهب البروتستانتي ... أنه توزيع للمهام أو تقسيم للعمل حسب تقاليد النظام الرأسمالي.

[رأى فولتير وكانط]

من المفكرين الذين هاجموا نشاط المنظمات والمؤسسات الدينية الكاثوليكية، الفيلسوف الفرنسي (فولتير) الذي تربى في مدارس الآباء اليسوعيين، فوقف عن كثب على أساليب جماعة الجزويت الدينية، وكان لهذا أثره في مهاجمته الكنيسة الكاثوليكية، إذا أنه كان يعتقد أن هذه الجماعات وأمثالها من الهيئات الدينية، تقوم بممارسة نواحٍ تدميرية سرية، وتشترك في المؤامرات والاغتيالات السياسية، كما أنهم يتسترون وراء المظهر الديني والهدف الثقافي ليسيطروا على عقول النشئ، ويستغلونهم لتحقيق أغراضهم، التي تتنافى مع طبيعة وظيفتهم الاجتماعية كهيئة دينية. ويبدو أن وقوفه على مثل تلك الممارسة الخطيرة، والأحداث الجسيمة التي ألصقت بالقساوسة، قد كان من أهم العوامل المحفزة له على الشك في رجال الدين، ونقمته على المذهب الكاثوليكي وكنيسته. ويبدو أنه لم يتخذ موقفاً خاصاً إزاء الدين ذاته، لأنه عالج الموضوع من زاويته الشخصية. ففي الوقت الذي هاجم وانتقد رجال الكنيسة الكاثوليكية، امتدح المذهب المسيحي البروتستانتي ورجال كنيسته، زاعماً أن هذا المذهب لا يخرج عن حدود طبيعته الدينية إلى الأغراض الاجتماعية الملتوية التي تقصد إلى تحقيق أغراض سياسية واقتصادية تجارية ومالية.

والواقع أن آراء فولتير، تعتبر امتداداً طبيعياً للنزعة التحررية من ربقة السلطة الكنسية والبابوية التي كانت تمارس منظماتها ألواناً من النشاط التدميري، لتحقيق أهدافها النفعية بما يحفظ لها السطوة والسيطرة في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يبدو لنا أن فولتير يندد بفكرة الاضطهاد الديني أكثر من تنديده بالوظيفة الاجتماعية للهيئات الدينية، ومعنى ذلك أن حملاته ضد الكنيسة الكاثوليكية كان مرجعها إلى تعصبها ضد الطوائف الدينية الأخرى كالبروتستانتية. وآية ذلك أنه يشير في فلسفة التاريخ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>