للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصخره لكل أرنب .. ولليهود ـ قبر فقط" (١).

[السياسيون والبعث اليهودي]

بالإضافة إلى هذا الاهتمام بالبعث اليهودي من قبل رجال الدين والأدباء والذي كان مبني على أسس دينية، برز اهتمام آخر في القرن التاسع عشر الميلادي، اصطبغ بالصبغة السياسية، حيث أصبح الوجود اليهودي في فلسطين له أهمية سياسية بالنسبة لإنجلترا لكي تستطيع حماية مستعمراتها فيما وراء البحار، وأصبحت السلطتان الدينية والدنيوية تتاجران بضرورة عودة اليهود إلى فلسطين. وهكذا تم خلال هذا القرن ربط الأفكار الدينية مع المتطلبات السياسية للإمبراطورية البريطانية، ومنذ ذلك الحين بدأ ما وصفه دافيد بولك "بالاتحاد العجيب بين السياسة الإمبراطورية ونوع من الصهيونية المسيحية الأبوية التي تتجلى في السياسة البريطانية فيما بعد" (٢). فقد كانت سياسة بريطانيا تجاه فلسطين في هذا الوقت، تغذيها عدة عوامل أهمها:

١ـ محاولتها الحفاظ على ميزان القوى في أوروبا.

٢ـ تأمين تجارتها مع الهند المهددة من فرنسا وروسيا.

٣ـ الحد من طموحات محمد على في توسيع دولته.

كما أن بريطانيا كانت مهتمة بالشرق الأوسط وبخاصة فلسطين لأهميتها الإستراتيجية للإمبراطورية البريطانية. ولذلك سعت لكي توجد لها موطئ قدم في هذه المنطقة الإستراتيجية، فكانت بحاجة إلى من تحميه في هذه المنطقة ليرعى مصالحها، وليكون ذريعة لتدخلها في المنطقة عندما تجد أن هذه المصالح في خطر. فقد كانت فرنسا تتمتع بنفوذ في المنطقة باعتبارها حامية المسيحيين الكاثوليك، وكانت روسيا قد حصلت على حق حماية مصالح الرعايا الأرثوذكس. لهذا سعت بريطانيا للتحالف مع الدولة العثمانية ودعمها لكبح جماح الأطماع التوسعية الروسية


(١) مكان تحت الشمس - بنيامين نتنياهو - ترجمة محمد الدويري مراجعة كلثوم السعدي- ص٧٥ - دار الجليل للنشر - ط٢ ١٩٩٦
(٢) إفلاس النظرية الصهيونية ـ نصر شمالي ـ ص ٨١ منشورات فلسطين المحتلة - ط١، ١٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>