لمعرفة طبيعة الحملة التي شنتها أمريكا على أفغانستان، لابد من إلقاء الضوء على خلفية هذه الحملة، والمقدمات التي أوصلت إليها، ابتداء بالغزو السوفيتي لأفغانستان، ومروراً بحركة الجهاد ضده، ووصولاً بطالبان والقاعدة، واحتلال أفغانستان من قبل القوات الأمريكية. ففي سنة ١٩٧٩م أقدم الاتحاد السوفيتي السابق على غزو أفغانستان واحتلالها. وخوفاً من انتشار النفوذ الشيوعي، مدت الولايات المتحدة يد المساعدة في تنظيم وتسليح المجاهدين، مقاتلي الإسلام في سبيل الله، الذين كانوا سيخوضون حرباً مقدسة ضد الجيوش الشيوعية السوفيتية، التي لا تعرف الله، فيلحقوا بها الهزيمة بعون الله، والأموال الأمريكية وصواريخ ستنغر (١)، حيث تقول الحقائق المتوفرة أن كل ما تم في أفغانستان منذ استيلاء الشيوعيون عليها وحتى الآن، كان مخططاً أمريكياً من الألف إلى الياء، والقصة نعرضها كما هي وكما أوردها الأستاذ (محمد حسنين هيكل) في كتابه من نيويورك إلى كابول، على لسان (بريجنسكى) مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس (كارتر).
يقول هيكل: "في الساعة الثانية من صباح يوم ٢٧ ديسمبر ١٩٧٩م انعقد مجلس الأمن القومي بحضور الرئيس كارتر، لبحث الدخول العسكري السوفيثى في أفغانستان، ولاستعراض الخيارات المفتوحة أمام الولايات المتحدة للرد عليه. حيث انتهت مداولات مجلس الأمن القومي الأمريكي برئاسة (جيمي كارتر) صباح ٢٧ ديسمبر ١٩٧٩م بتوجيه رئاسي، يقضي بأن يتوجه مستشار رئيس الآمن القومي (رنجنيو برجينسكي) إلى منطقة الشرق الأوسط بادئاً بالقاهرة، لمقابلة الرئيس (أنور السادات) والبحث معه في تنظيم جهد إسلامي شامل يساند المقاومة الإسلامية الأفغانية، في مواجهتها لجيش الاحتلال السوفيتي، ثم يتوجه مستشار
(١) الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر - ص١٣٧