للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين فقط. فقال لهم أهل ذمتنا قبل أهل ملتنا والله لا أخرج قبل أن يفك أسر الجميع. وهكذا الدفاع عن أهل الذمة واجب على المسلمين حتى قال علماء المسلمين أن إيذاء الذمي أشد إثما من إيذاء المسلم، غيبة الذمي أشد في الإثم من غيبة المسلم لأن هذا معتبر كأن المسلمين هم المسؤولين عنه (١).

كما سوى الإسلام بين اهل الذمة وبين المسلمين في العقوبات (٢) قال الزهري (دية اليهودي، والنصراني، وكل ذمي مثل دية المسلم). ولهذا كان يقف المسلمون امام القانون مع النصارى واليهود سواء بسواء حتى ولو كان المسلمون من الخلفاء الراشدين أو من الصحابة. وعن انس رضي الله عنه قال: رهن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ درعاً عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيراً لأهله ". وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ان النبي (اشترى طعاماً من يهودي إلى اجل ورهنه درعاً من حديد، وفي لفظ: توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودرعه مرهون عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير. رواهما البخاري ومسلم (٣).

[الحوار الإسلامي المسيحي]

من خلال ما تقدم اتضح لنا كيف استطاع الإسلام أن يؤسس قاعدة متينه للحوار بين المسيحية والإسلام منذ البدايات الأولى ويستوعب اهل الكتاب من النصارى تحت كنفه ويضع الاسس والقواعد التى تحكم العلاقة معهم ويتجلى ذلك في عهد النبي، صلى الله عليه و سلم، لنصارى نجران في آخر عهد البعثة النبوية حيث عبر هذا العهد عن هذه الرؤية المنفتحة المتسامحة للاسلام، فنص على ما يلي: و لنجران و حاشيتها، و لأهل ملتها، و لجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض و غربها، قريبها و بعيدها، فصيحها و أعجمها، جوار الله و ذمة محمد النبي رسول الله، و على أموالهم، و أنفسهم و ملتهم، و غائبهم و شاهدهم، و عشيرتهم، و بيعهم، و كل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. لا يغير أسقف من أسقفيته، و لا


(١) برامج الشريعة والحياة - تقديم خذيجه بنت قنه - تاريخ النشر: الأربعاء ١٧ يناير ٢٠٠٧ قناة الجزيرة
(٢) - السيد سابق / المصدر السابق، ص ٦٠٣ ـ ٦٠٤.
(٣) السيد سابق / المصدر السابق، ص ٦٠٩، ٦١٠، ٦١١، ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>