نحو متساوٍ. فكما قال أحد مشاهير المدراء التنفيذيين الأميركيين ذات مرة، فإنه يعيش بين أحزان الأمس وقلق الغد. أما في الإسلام، فإن من يحكم مصالح المجتمع بأسره هو الصالح العام وليس وول ستريت، أي أن المصلحة العامة هي الغاية من الحكم دون أي إجحاف لحقوق الأفراد الشرعية. وهذا ما تفتقده الولايات المتحدة التي يمتلك ٠.٥% من سكانها أكثر مما يملكه ٩٠% من الشعب الأميركي من الثروات، في وقت يعتبر ٣٥ مليوناً من الأميركيين فقراء حسب تصنيف الحكومة، وهذا ما يجعل نظامها الاقتصادي متناقضاً مع المبادئ الإسلامية (١).
[بناء مشروع نهضوي عربي]
يتوقع ان يشهد المستقبل الحضاري للإسلام انتعاشا فعالا لاعتبارات عدة أهمها: القوة الكامنة في الإسلام التي لا يمكن ترويضها أو محوها، ثم الإمكانيات الاقتصادية من مواد خام وأموال وأراض خصبة وصناعات، وهذه -إن أحسن استغلالها- تشكل مصدراً مهما وفعالاً في هذا الانتعاش. أما الإمكانيات البشرية فهي أكثر ما يخيف أعداء الإسلام، خاصة لما قد يحمله هذا الكم البشري الهائل من كفاءات وكوادر يمكن أن تبدع وتنجز إذا ما توفرت لها ظروف الإبداع والإنجاز. وهنا فأن الشعور بالظلم كفيل بتفجير قوة قادرة على المواجهة والتحدي، مع وجوب بذل الجهد لأجل التمسك بالبعد العقدي في كل المجالات. "فالعقيدة هي التي حافظت على ما بقي من استقلالنا وتميزنا وهي مصدر قوتنا وعزتنا". وتمثل استقامة البعد التربوي أهم عامل تجب مراعاته لأجل تدعيم الحفاظ على البعد العقدي، وذلك بإيجاد منظومة تربوية فعالة تهدف إلى تكوين أفراد يؤمنون بالجد والعمل، وتمدهم بقيم وعادات سليمة ومهارات علمية متطورة في مختلف المجالات. ولأجل مواجهة واقع لا يرحم وتحديات دولية لا مكان فيها للضعفاء، لابد من اعتماد سياسة التكتل والتعاون، لأنه ربما لن يجد العرب والمسلمون خيراً من تضامنهم للحاق بركب
(١) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- ٣/ ٢/٢٠٠٣