للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجماعات. قد يكون مثل هؤلاء الأشخاص قلة في مجتمعاتنا، وهم كذلك فعلاً، إلا انهم قادرون، كما حدث في مجتمعات عديدة أخرى، على تغيير مسار التاريخ (١).

وهنا يستقرئ ارنولد تويبني ما يمكن ان يقوله التاريخ بصدد مستقبل الإسلام ثم يصدر حكمه فيقول: "إذا كان للسوابق التاريخية اي معنى عندنا وهي اشعاعات الضوء الوحيدة التي يمكن ان يلقيها على الظلمات التي تكتنف مستقبلنا، فانها تنذر بأن الإسلام قادر على التأثير في المستقبل بأساليب عدة تسمو على فهمنا وادراكنا (٢). ويؤكد هذا المعنى (جارودي) في (وعود الإسلام) فيقول: "ما الذي يستطيع الإسلام إن يقدم، ليعدنا للإجابة عن المسؤوليات التي تفرضها قدرة العلم والتقنية على جميع البشر اليوم؟ وما يلبث إن يجيب: إن المشكلة كونيه ولا يمكن للجواب ألا إن يكون على المستوى الكوني. وهكذا تصير مشاركة الإسلام القادمة اكثر من ضرورية، تصير أمراً محتماً لأنها لن تدخل الساحة لكي تعالج هذه الجزئية أو تلك، وإنما لكي تعيد تصميم الحياة البشرية بما يرد إليها قيمتها الحقه ويمنحها هدفاً ومغزى (٣).

إن الغاية الأولي والأخيرة للرأسمالية هي النمو المادي وتجميع الثروات بصرف النظر عن الكيفية وعن آلية التوزيع. أما في الإسلام، فإن الغاية من الحياة والرؤية الاقتصادية مختلفتان تمام الاختلاف. لقد أوضحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في دراستها حول الإسلام والرأسمالية والاشتراكية، الرؤية الإسلامية للاقتصاد. وقد أوردت هذه الدراسة: تختلف المفاهيم الإسلامية عن الرأسمالية في أنها تعارض كنز الثروات، وعن الاشتراكية من حيث أنها لا تنكر حقوق الملكية، بما فيها ملكية وسائل الإنتاج. فالمجتمع الإسلامي الصحيح ليس بأي حال من الأحوال حلبة تتصارع فيها المصالح المختلفة وتتناحر، بل إنه مكان تسوده العلاقات المنسجمة التي يمكن تحقيقها والوصول إليها من خلال الإحساس بالمسؤوليات المشتركة. ولا بد لحقوق الأفراد أن تكون متوازنة مع مصالح المجتمع بأكمله علي


(١) موقع الإسلام في صراع الحضارات و النظام العالمي الجديد (محمد السماك) - خلفية الصراع بين العرب و الغرب ص٣١٤
(٢) الإسلام والغرب والمستقبل، تعريب نبيل صبحى ص٦٠
(٣) مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) - د. عماد الدين خليل- ص١،٣

<<  <  ج: ص:  >  >>