للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاصل أو العنصر ـ على كل من يعترف بوحدانية الله وتنزيهه للرسالة الشاملة لكل الانبياء". ويضيف: "ان جدال المسلمين مع اليهود ليس موجهاً ضد رسالة موسى ورسالة الانبياء، بل ضد تأويلاتها المتعصبة، وكذلك فأن جدل المسلمين مع المسيحيين ليس موجهاً ضد رسالة عيسى ولكن ضد الشرك". ثم ينتهي جارودي إلى القول: "وبما ان الإسلام قد تجلى هكذا ـ كما جاء في القرآن ـ بشموليته دون ان يكون مرتبطاً بتقاليد معينة لشعب ما، فقد عرف تألقاً معجزاً، لان اعتناقه لم يكن يعني بالنسبة لرجل مؤمن، قطيعة ولا كفراً: فكل شخص يجد فيه الرسالة التي تلقاها عن انبيائه، بشكلها الاكثر بساطة والاكثر شعبية، وتطبيقها في جميع ميادين الحياة يجعل الله حاضراً في كل امر وفي جيمع العلاقات الاجتماعية: اقتصادية، سياسية، ثقافية (١).

وربما هذا ما حدا بسفير المانيا في المغرب ويلفريد هوفمان ان يعد كتاباً تحت عنوان (الإسلام هو البديل) يطرح فيه الإسلام المنهج الصالح والامثل لانقاذ البشرية من عذاباته. ورغم ان الامر يدخل في اطار حرية العقيدة التي يتغنى الغرب بالدفاع عنها، فان فرانك ايليه مدير ادارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية في بون، رفع تقريراً إلى وزارة الخارجية يصف فيه ان الامر في غاية الخطورة ويتنافى مع الدور الذي يمكن ان يلعبه سفير دولة ديمراطية غربية في دولة اسلامية!

وهكذا فإن العالم العربي والإسلامي يستطيع الانفتاح على الحضارة الإنسانية, وبالمشاركة في صناعتها، والمساهمة في ابداعاتها وان يقف في وجه المد الالغائي الذي يتعرض له، بل انه يستطيع ان يضفي عمقاً روحياً على هذه الحضارة وان يهذب سلوكها، بحيث تكون اكثر انسانية مما هي عليه الآن. ولان الحضارة هي تراكم ثقافات تفرز قيما مشتركة تعيد صياغة حياة الانسان، فان لنا من ثقافتنا ومن قيمتنا ما يؤهلنا للمساهمة في عملية نقل الانسان إلى حقبة حضارية جديدة، وهذا يتطلب أولا, وقبل كل شيء, إعداد عقول نيرة تكون في مستوى هذا التحدي الحضاري. فتاريخ الإنسانية يشهد بان كل التحديات الكبيرة قام بها افراد نذروا أنفسهم لقيم ومبادئ يؤمنون بها ويكافحون من اجلها، ومن اجل تحقيقها فرادى


(١) الإسلام في الغرب - روجيه جارودى ص١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>