للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

أمتنا ودورها الحضاري

ان امتنا بما تمتلك من ارث حضارى عريق، لازالت تمتلك من المقومات ما يمكنها من استنبات مشروعها الحضارى النهضوى وتخلق تراكمات تمكنها من بناء مركز قوة، وقاعدة هامة من قواعد ارتكاز الشعوب المقهورة في كفاحها المفتوح ضد المشروع الاستكبارى الصهيونى المتوحش. وهذا ليس بجديد عليها. فقد تمكنت من ذلك في الواقع العملى التاريخى. فهى حملت بتجربتها العملية الطمأنينة والسلام، وجسدت على ارض الواقع كيفية تحقيق التطور الانسانى المشترك دون اخضاع ولا خضوع، ليس لمن اعتنق الإسلام فحسب، بل لكل الشعوب التى احتكت بها (١).

فبلادنا العربية هى مهد الحضارات الانسانية، وعلى ارضها كانت الدعوة الأولى لرفض عبودية الانسان، والى عبادة اله واحد احد. فبينما كانت قبائل العالم القديم، كل يسعى إلى اله خاص يختص بها، جاء سيدنا ابراهيم ابو الانياء برسالة التوحيد، توحيد البشر جميعاً على عبادة اله واحد. فكل البشر متساوون امام هذا الخالق، لهم نفس الحقوق والواجبات اياً كان اصلهم أو انتمائهم الجغرافى. وبنى مع ابنه اسماعيل الكعبة المشرفة - بيت الله الحرام - من دخلها فهو آمن بغض النظر عن المكان الذى اتى منه أو القبيلة التى يحمل اسمها. واستحوذت الكعبة كمنارة لحضارة التسامح والاخاء والمساواة والامن على افئدة الناس جميعاً في المنطقة، مما اثار حسد الاقوام الاخرى التى سعت إلى تدمير هذه المنارة الجديدة، فكانت محاوله ابرهه ملك الحبشه لهدم الكعبه، رمز التوحيد والعدل والمساواة بين الشعوب، ولكن كان للكعبة رب يحميها.

واستمر الصراع بين الاتجاه الانسانى الذى يرى في الانسان قيمه بحد ذاته، يجب ان تسخر كل الاشياء لخدمته، وبين نظره ترى ان الانسان كغيره من الاشياء لا قيمة له بحد ذاته كانسان، بل ان مدى قوته وسيطرته وما يملك هى التى تحدد


(١) صهيونية الخزر وصراع الحضارات - وليد محمد على ص ٢٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>